عادت منذ أكثر من أسبوعين ظاهرة الندرة في توزيع زيت المائدة بمحلات الجملة والتجزئة لولاية بومرداس، في مشهد آثار تساؤلات المواطنين الذين تفاجؤوا مرة أخرى عن سبب هذه الأزمة في توفير مادة أساسية في المطابخ الجزائرية وغيابها في المتاجر، فيما تفاوتت التعليقات والتفسيرات بين المواطنين والتجار حول الأسباب وخلفياتها، والتناقض الواضح في تصريحات مسؤولي قطاع التجارة حول الوفرة وواقع الرفوف الشاهدة على الندرة.
لا أحد قدم تفسيرات مقنعة عن أسباب ندرة مادة زيت المائدة وغيابها عن المحلات التجارية منذ أسبوعين تقريبا، وكل ما يوزّع هي كمية قليلة لقارورات 1 لتر سرعان ما تسحب بسرعة البرق من قبل المستهلك، فيما بدأ آخرون رحلة البحث في الولايات المجاورة لإقتناء هذه المادة الحيوية، أو الاضطرار الى إقتناء بعض العلامات المسوقة بسعر خيالي وصل إلى 1300 دينار لصحيفة من حجم 4 لتر، أو 500 دينار لقارورة ذات حجم 1.7 للتر، هي تعليقات لبعض المواطنين الذين تحدثوا لـ «الشعب» عن أزمة الزيت التي تعود إلى الواجهة بأغلب بلديات ومدن بومرداس.
وفي حديثنا لبعض الموزعين وتجار التجزئة لمعرفة سبب الأزمة رغم وفرة المنتوج مثلما ذكرت به مرارا وزارة التجارة لطمأنة المواطنين، كانت التعليقات والإجابات متفاوتة ومتضاربة أحيانا، ما بين تعمد بعض الأطراف خاصة المنتجين إلى اختلاق ظاهرة الندرة عن طريق التلاعب بشبكة التوزيع أو تقليل الكمية الموزعة لمحلات بيع المواد الغذائية بالجملة حسب رواية التجار الذين يشتكون من تراجع كبير في حصتهم الأسبوعية المعهودة، وهي من العوامل التي أثرت بصفة مباشرة على عملية تموين محللات التجزئة، مقابل ارتفاع الطلب من قبل المستهلك.
بدورهم تجار التجزئة أو الفضاءات الكبرى «سوبيرات» يعانون من غياب مادة زيت المائدة وصعوبة إقناع المواطنين الذين يتساؤلون يوميا عن تاريخ دخول هذه المادة، وهنا علق أحد التجار بالقول «إننا نتقل يوميا لسوق الجملة للمواد الغذائية بالسمار أو للمحلات الجملة بتيزي وزو لاقتناء زيت المائدة لكن دون جدوى، فمن غير المعقول، أن ننتظر يوما كاملا ثم نعود في المساء خائبين».
فيما علق آخر بالقول، «هناك نوع من المضاربة الخفية في طريقة توزيع مادة الزيت، حيث يحاول بعض المنتجين والموزعين الكبار خلق الندرة للضغط على وزارة التجارة من اجل رفع الأسعار، خاصة في ظل فرض الفوترة في التعاملات التجارية، وهو ما دفع ببعض تجار الجملة إلى التحايل بزيادة 5 دينار غير قانونية وأحيانا أكثر، ما دفعنا إلى العزوف عن اقتناء هذه المادة المدعمة والمسقفة بسعر 600 دينار لصفيحة من سعة 5 لتر، وخوفا أيضا من الرقابة في حالة التلاعب بالسعر المرجعي».
هذا وكان رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الطاهر بولنوار قد وجّه سهام النقد والعتاب للمنتجين بالدرجة الأولى من خلال تأكيده على وفرة المنتوج وخاصة بالنسبة للمادة الأولية ولم يتم تسجيل أي ندرة في هذا الجانب، مع ذلك لم ينف ربط أزمة زيت المائدة بمشكل التوزيع والتلاعب من قبل بعض المنتجين والموزعين لزيادة الأسعار.
محليا أيضا بولاية بومرداس، لم تقدم مديرية التجارة توضيحات كافية لخلفيات هذه الندرة لطمأنة المستهلك بتاريخ محددة لعودة الأمور إلى طبيعتها السابقة، ورفع الغموض الذي يكتنف عملية التوزيع والعجز في تموين المحلات التجارية، مكتفية ببعض البيانات المتعلقة بمراقبة وفرة المنتجات في السوق، بتسجيل ندرة فعلية في عدد كبير من البلديات، في انتظار الإجراءات المشدّدة من قبل الحكومة لضبط السوق وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، ومكافحة كل أشكال المضاربة التي يعاني منها المواطن الجزائري المهدد في قوته اليومي من قبل سماسرة السوق المحتكرين لبعض المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع.