منتوج محلي وأسعار مرتفعة لشعبة خارج المراقبة
توقّعت تقديرات مديرية المصالح الفلاحية لولاية بومرداس، إنتاج أزيد من 2.6 مليون قنطار من عنب المائدة خلال هذا الموسم، بتراجع ملحوظ عن التّوقّعات المنتظرة من قبل التقنيين والمختصين في هذه الشعبة التي تستحوذ على مساحة 17 ألف هكتار من أصل 62 ألف صالحة للزراعة، مقابل استمرار انشغالات المنتجين الذين يعانون مع أزمة تسويق المنتوج وغياب وحدات التحويل.
تقدّم شعبة عنب المائدة بولاية بومرداس حوالي 45 بالمائة من إجمالي إنتاج العنب على المستوى الوطني، وتلقى مزيدا من الاهتمام بين الفلاحين وأصحاب الأراضي الذين بدأوا منذ مطلع التسعينيات استصلاح مساحات واسعة غير مستغلة أو تحويل نشاط بعض الشعب قليلة المردود بما فيها حقول شاسعة من أشجار التين بالمناطق الجبلية للتوجه نحو هذا المنتوج الاستهلاكي الظرفي، بالنظر إلى قيمته التجارية كفاكهة موسمية يكثر عليها الطلب في هذه الفترة من السنة.
وحسب مصادر مديرية المصالح الفلاحية، فإنّ المساحة المغروسة في شعبة عنب المائدة عرفت زيادة بحوالي 500 هكتار هذا الموسم، وهي في زيادة مستمرة بسبب المردودية الإنتاجية والتجارية، حيث يسيطر صنف صابان على نسبة 50 بالمائة من المساحة المزروعة.
وهو نوع معروف بمردوديته العالية ومقاومته الكبيرة لمختلف الأمراض المعروفة بمنطقة حوض المتوسط أهمها «الميليديو»، وهو أحد هواجس الفلاحين، يليه صنف الكاردينال المبكر بنسبة 19 بالمائة ثم نوعية «راد قلوب» بنسبة 18 بالمائي تليه باقي الأصناف الأخرى المشهورة بالمنطقة منها «موسكا» و»داتي» وغيرها التي تراجعت من حيث الاهتمام مقارنة مع الأنواع الثلاثة المهيمنة على الشعبة.
جني 51 بالمائة من المساحة المزروعة
تتواصل بولاية بومرداس وبالخصوص البلديات الشرقية عملية جني محصول عنب المائدة، حيث وصلت النسبة المنتجة وفق أرقام المصالح الفلاحية الى 51 بالمائة بمجموع 1.4 مليون قنطار، بمعنى نصف المساحة تقريبا، وهو ما يعني إنتاج أقل من التقديرات المنتظرة لهذا الموسم المحددة بحوالي 3 مليون قنطار مقارنة مع المساحة المغروسة المتزايدة من موسم لآخر، ودرجة الاهتمام التي يوليها المنتجون لهذا المحصول الحساس، الذي لا يقاوم كثيرا الظروف الطبيعية المتقلبة، حيث يضطر الكثير منهم الى التواجد الدائم بالحقل من بداية عملية التلقيم والحرث، الى المتابعة المتواصلة بالمبيدات، ممّا زاد من ارتفاع تكاليف الإنتاج حسب الفلاحين.
وقد اشتكى المنتجون هذا الموسم من تراجع المحاصيل حسب ما رصدته «الشعب» من أصداء، بسبب قلة المطار وأزمة السقي الفلاحي، ومساحات أخرى واسعة خاصة تلك المتواجدة بالمناطق الجبلية المرتفعة تأثرت كثيرا بالحرارة المرتفعة نتيجة الحرائق، وبالتالي فقد المنتوج قيمته التجارية، وهو ما جعل الباعة يستغلون الفرصة للضغط على الفلاحين واقتنائه بسعر ثاني وثالث لا يتجاوز 30 دينارا، لكنه لا يقل في نقاط البيع وأسواق التجزئة عن 120 دينار، في حين تتراوح أسعار النوعية الجيدة في الأسواق المحلية ما بين 180 الى 200 دينار بالنسبة لصنف صابان وأكثر من 320 دينار بالنسبة لنوعية «موسكا»، «داتي» و»راد قلوب».
أمام هذه الظروف الطبيعية وسوء استغلال وإدارة الشعبة اقتصاديا رغم أهميتها من حيث المساحة الفلاحية والمحصول السنوي، يبقى الفلاح يعاني من مشاكل وصعوبات عديدة من أهمها مشكل التسويق الذي تحول إلى هاجس فعلي للمنتجين، الذين هم بحاجة إلى سوق جهوي خاص بعنب المائدة كمشروع ينتظر التجسيد منذ سنوات، إضافة إلى عزوف المتعاملين الاقتصاديين عن إنشاء وحدات صناعية لتحويل الفائض والنوعية الثانية من المنتوج التي تشكل عبئا كبيرا على المنتج وطريقة تصريفه في الأسواق.