الحرائق والجفاف يعصفان بتربية النحل

توقّعات بتراجع منتوج العسل غرب البلاد

وهران: براهمية مسعودة

حوّلت الحرائق في الجزائر آلاف الهكتارات من الغابات ذات التنوع الحيوي الكبير إلى أراضي قاحلة جرداء، وسط موجة جفاف حاد، تشهدها منذ سنوات مختلف جهات الوطن، سيما الغربية منها، ما ألحق أضررا بالغة بمربّي النحل.
اعتبر عدد من الناشطين في المجال بعاصمة الغرب الجزائري، وهران، والتي شهدت خلال السنوات الأخيرة حرائق غابية كبيرة، أنها واحدة من الكوارث الطبيعية الأكثر تأثيرا على صناعة العسل، وسط مطالب بتعزيز ثقافة تربية النحل في الجزائر، وتعزيزها بالدعم المادي والمعنوي.
ويتوقّع منتجو العسل، أن يتواصل التراجع في الإنتاج، جراء ضعف التساقطات المطرية، وتراجع المساحات الرعوية، فيما تؤدي الحرارة المرتفعة في الصيف إلى تبخر الرحيق الذي يسعى وراءه النحالون في بعض المناطق.
وفي ضوء ذالك، أكد النحال “حساني لخضر” على مستوى غابة المسيلة ببلدية مسرعين، غربي الولاية، أن المنتجين، يواجهون صعوبات كبيرة في تغذية النحل بالمنطقة، ما يفرض عليهم التنقل بين العديد من المناطق في الولاية من أجل العثور على مزارع، تتوفر على نباتات، يمكن أن يرعى عليها.

وأوضح قائلا: “أنه تنقل مؤخرا بمعية شركائه إلى عدد مناطق في الغرب والجنوب الجزائري، غير أنهم عادوا خائبين؛ حيث اكتشفوا، على غرار نحالين آخرين، أن الجفاف الذي شهدته تلك المناطق، لم يساعد على توفير النبات التي يسعون إليها”، معبرا في الوقت نفسه عن أسفه الشديد من الدمار الذي حلّ بغابات هامة بإقليم الجزائر، سيما الجهة الشرقية.
زحف الأمراض يربك المربين
وحسب تصريحات عبد الله عبد القادر، نائب رئيس جمعية تربية النحل البري وإنتاج العسل على مستوى منطقة “تمرموت” بنفس البلدية، فقد سجلت المنطقة خلال السنتين المنصرمتين 2019-2020، تراجعا حادا في إنتاج العسل، قدره نفس المصدر بنحو 50 في المائة، وذلك بالمقارنة مع السنوات الماضية.

وأوضح عبد الله، أن جمعيتهم، تواصل مهامها، منذ انطلاقتها الأولى سنة 2017، في مجالات بيع العسل ومنتجات الخلية، وكذا صناديق النحل وإنتاج بدلات خاصة بالتربية، مبينا أن”منتوجاتهم، تصدر للولايات المجاورة، على غرار سيدي بلعباس ومستغانم”.
ونوّه بدوره إلى الصعوبات الكبيرة التي يتلقها المربية في الميدان، جراء  الأمراض الفطرية والبكتيرية والفيروسية التي تصيب النحل، وعلى رأسها دودة الشمع والفاروا، بالنظر إلى انعكاساتها المتزايدة على انخفاض الإنتاج من العسل والقضاء على عدد كبير من طوائف النحل، داعيا في نفس الوقت الجهات المعنية إلى الدعم المادي والمعنوي من أجل تحقيق المستويات التي  بلغتها المدن الرادة في المجال.
نقص الأدوية والبياطرة المتخصّصين
من جانبه، نوّه رئيس الفدارلية الولائية لمربي النحل بوهران، حجاج أول طه نجم الدين إلى النقص الحاد المسجّل في عدد البياطرة المختصين في صحة النحل، باعتبارهم الجهة الوحيدة المكلفة بالتشخيص وتحديد نوعية العلاج، مقرّا في نفس الوقت بوجود نقص في الأدوية الخاصة، مثل دواء B401 لعلاج مرض الفراشة أو دودة الشمع، باعتبارها من أخطر الآفات التي تصيب طوائف عسل النحل، وفق نفس المتحدث.
كما شدّد على “ضرورة تعزيز صحة الحيوان من منطلق توفير الفيتامينات والأدوية التي تشهد ندرة بالسوق الوطنية في ظلّ الأمراض الخطيرة التي تهدّد هذه الحشرة وتعدّدها، ومنها قمل النحل والنوزومبيا ومرض تكيس الحضنة ودودة الشمع، كما طالب بتوفير كافة مستلزمات التربية وتعزيز ثقافة النحل.
كما تطرّق محدثنا إلى التطوّر الهام الذي شهدته شعبة تربية النحل بالولاية، خلال السنوات الأخير بالنظر إلى المعطيات الحديثة، والتي تحصي نحو 1500 مربي ومن 150 ألف إلى 200 ألف خلية تابعة للجمعيات والناشطين المستقلين، فيما تتوفر الولاية على 14 جمعية ناشطة في المجال، 12 منها استفادت من محيطات غابية، وذالك بمعدل 160 محيط، استفاد منه النحالين بغابة الولاية، على غرار قطاعات أرزيو ومسرغين وقديل وحاسي بن عقبة..
وقد أرجع الأمين العام للغرفة الفلاحية بالولاية، زدام الهواري، هذه الحركية إلى مجهودات المربين والتطورات الكبيرة، الحاصلة في المجال، وذلك عن طريق التحسيس والإرشاد، وكذا التكوين الدوري الذي يوفره مركزي التكوين المهني المتخصصين في الفلاحة بمسرغين وحاسي بونيف، وذلك إلى جانب الغرفة الفلاحية التي تمكنت من تكوين عشران النحالين على مستوى، مقرها عن طريق مختصين في الميدان، ناهيك عن دور الجمعيات المهنية.

وثمّن نفس المسؤول، مجهودات إدارة الغابات في مسيرة تطوير الشعبة، من خلال توفير المحيطات، بالنظر لفوائدها   المتعدّدة الأوجه بالنسبة للفلاح ورعي النحل، وكذا الإنتاج الفلاحي، ناهيك عن حماية المحيط الغابي من الحرائق وغيرها، من خلال الرقابة المتواصلة والإبلاغ عن أي خروقات في الوقت المناسب، ناهيك عن دورها في تلقيح  المحاصيل الزراعية ورفع إنتاجيتها بـ70 بالمائة.
 وعبّر “زدام الهواري”عن توقعاته بزيادة عدد المحيطات، بالنظر لإرتفاع عدد المربين، وذلك بالتعاون مع إدارة الغابات والغرفة ومختلف الجمعيات الملتئمة معا في فدرالية خاصة، مطالبا هو الآخر  بتوفير المياه، ومنح تصاريح بغرس المحيطات الغابية بالنباتات الزهرية التي يحتاجها النحل.
واستنادا إلى نفس التوضيحات، فإنّ 1 ملغ من العسل، يعادل 13 كلغ من الخضر و5 لتر من الحليب و3 كلغ لحم،  فيما تعمل “حبوب اللقاح” الغنية بالفيتامين (ج)  على تخفيض مستوى السكر في الدم مثلها مثل “الأنسولين”، فيما يحتوي “سم” النحل على مادة الهيستامين الألبومين وكذا الميلاتونين الذي يعمل على تدمير الخلايا السل

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024