تعددت مظاهر التكافل والعمليات التطوّعية في قرى مناطق القبائل التي تدهشنا في كل مرة، بأواصر الأخوة والتضامن بين سكان القرى الذين يتحدون من أجل إيجاد حلول لمشاكلهم التي عجزت السلطات عن حلّها، ولعل أهم مشكل يؤرق سكان تيزي وزو في فصل الصيف هو هاجس وكابوس العطش.
يتكرر نفس سيناريو العطش سنويا ما يحوّل حياتهم إلى جحيم لا يطاق، يدفع بالسكان إلى الدخول في رحلة البحث عن موارد أخرى للتزوّد بالمياه بعيدا عن مياه الحنفيات.
سكان قرية أث كوفي ببوغني، الذين رافقتهم أزمة العطش لسنوات طويلة عانوا خلالها الويلات من رحلات البحث عن موارد مائية أخرى تقيهم من العطش، وبعد سياسة المد والجزر وطرق أبواب المسؤولين من أجل التدخل وإيجاد حل نهائي لأزمة ندرة المياه التي تزور حنفياتهم من سد «كوديت اسردون» مرتين في الأسبوع ولمدة ساعتين فقط، إلا أنه لا حياة لمن تنادي ومعاناتهم تتفاقم مع مرور الأيام خاصة مع التذبذب في التوزيع للمياه الشروب الذي يؤزمه انخفاض نسبة المياه في السد والتي تصل إلى 5 بالمائة في شهر ماي.
أزمة المياه الحادة بحسب تصريحات محمد أرزقي وهو أحد قاطني القرية، دفعت بالسكان الى عقد عدة اجتماعات في القرية من أجل إيجاد حل لمشكلة المياه، حيث إتفقوا على دفع مبلغ 5000 دج لكل منزل كمساهمة في مشروع ربط القرية من منبع «ثينزار» الذي ينبع من جبال جرجرة، والذي يبعد عن القرية بـ 7 كلم.
إلا أن سكان القرية قد رفعوا التحدي بعدما جمعوا 600 مليون سنتيم، ليباشروا الأشغال فيه بتاريخ 18 ماي المنصرم، حيث بلغت نسبة الأشغال فيه نسبة 90 بالمائة، وقد تطوع كل سكان القرية للمشاركة في أشغال الحفر، التركيب، وربط أنابيب المشروع على مسافة 10 كلم من المنبع الى القرية، حيث تصل قوة الضغط الى 15000 لتر في الثانية، وتملء خزان القرية التي تبلغ سعته 1300 م3 لتزود أكثر من ألف عائلة بالمياه.
مشروع تزويد القرية بالمياه الشروب صنع الحدث في ولاية تيزي وزو خاصة وأن مثل هذه المشاريع التنموية كانت في السابق مقتصرة فقط على ميزانيات البلديات والولاية، إلا أن تلاحم سكان قرية آث كوفي صنع الفارق ليعطي درسا لسكان القرى الأخرى من أجل تنظيم مبادرات مماثلة لوضع حد لعديد المشاكل التي تعاني منها القرى وعجزت السلطات عن حلها لعدة سنوات.
600 مليون سنتيم لتزويد القرية بالمياه
سكان «آث كوفي» بتيزي وزو يرفعون التحدّي
تيزي وزو: نيليا م.
شوهد:325 مرة