ما تزال معاناة المستفيدين من المفارز الاجتماعية التي تم إنشاؤها في أطراف المدينة كحي بوعباز “المنطقة الصناعية الصغرى” وبولقرود في الجهة العليا لبني مالك و500 مسكن وسيدي أحمد بمدينة سكيكدة سنة 1986 مستمرة إلى اليوم، وتعرف بالمفارز الاجتماعية بكل أصنافها، والتي تمّ إنجازها عبر تراب الولاية بغرض المساهمة في حل إشكالية السكن، فإنّ أغلبها يواجه إشكالية عدم التسوية الإدارية نظرا لجملة من العوائق، منها مشكلة تحويل الأرضية وعدم تهيئتها وعدم إصدار عقود الملكية للمستفيدين بسبب عجز ميزانية البلديات عن التكفل بها.
ونفس المصير يواجه أيضا بعض المفارز الترقوية بسبب التأخر المسجل في عملية التهيئة، وكذا غياب المتابعة من قبل الجهات المعنية بما في ذلك الرقابة اللازمة، مما أدى حسب نفس التقرير، إلى التخلي النهائي عن عملية التهيئة المطلوبة، وذلك بمجرد الحصول على شهادة المطابقة ورخصة التجزئة، ممّا زاد في تدهورها أكثر فأكثر.
هذه المفارز الاجتماعية تعاني من غياب أبسط شروط الحياة الضرورية، فأغلبها لا يتوفر على شبكة حقيقية للطرق، ويعاني من انعدام قنوات صرف المياه وقنوات المياه الصالحة للشرب ومن شبكات التموين بالغاز الطبيعي بالرغم من وجودها في داخل النسيج العمراني لمدينة سكيكدة.
والمفارز الواقعة في أطراف المدينة وفي الجهات العلوية تتحول في فصل الشتاء إلى تجمعات سكنية معزولة، حيث يصعب على وسائل النقل الجماعية الدخول إليها ويجد السكان صعوبات في التحرك ما بين أحيائهم وباقي أحياء المدينة، بحيث تتدهور الطرق الفرعية الداخلية غير المعبدة ويزداد عدد البرك المائية لغياب شبكات تصريف مياه الأمطار.
ورغم أنّ القانون الخاص بالتهيئة الحضرية يلزم البلدية بالتكفل بالتهيئة الحضرية للمفارز الاجتماعية، إلاّ أنّ هذه المواقع الحضرية مازالت بعيدة عن اهتمامات رؤساء البلديات، اليين تعاقبوا على ثاني أغنى بلدية على المستوى الوطني، فهي خالية تماما من أية مظاهر للتهيئة باستثناء توصيل الكهرباء إليها من طرف الشركة الوطنية للكهرباء والغاز منذ قرابة ستة وعشرين سنة.
مصالح بلدية سكيكدة ترجع تأخر أشغال التهيئة وتعطل المشاريع التي خصصها المجلس الشعبي البلدي في بداية 2008 لهذه المفارز للتكفل بها من جميع الجوانب، إلى مديرية التعمير التي وعدت بالتكفل بها إلاّ أنّها لم تفعل شيئا في الميدان ثم عادت في النهاية وسمحت للبلدية بالتصرف في ملف تهيئة المفارز، أما مديرية التعمير نفت مزاعم البلدية وأكدت على أنّ تهيئة المفارز الاجتماعية مهمة البلدية ولا دخل للمديرية فيها.
مسؤولية مديرية أملاك الدولة
وفي نفس الإطار، حمّل أعضاء المجلس الشعبي الولائي لسكيكدة في دورات سابقة، مديرية أملاك الدولة المسؤولية الكاملة في تأخر إنجاز عقود الملكية للعديد من المفارز الاجتماعية التي أنشأت منذ نحو عقدين من الزمن، رغم أنّ البلديات قامت بكل الإجراءات المادية والإدارية والقانونية التي تسمح بإنهاء هذه العملية في آجال قصيرة، وأنّ التأخر في إصدار عقود الملكية للمواطنين ولأصحاب المساكن الفردية زاد من حدة المشاكل التي تعاني منها المفارز ومنها البناء بدون رخصة وحرمان المواطنين من أداة إدارية وقانونية تمكنهم من تقديم طلب لدى البنوك للحصول على قروض لإتمام مساكنهم وفق التصاميم العمرانية والهندسية المقبولة من حيث النوعية والشكل، ومطالبة إدارة أملاك الدولة بالتحرك والعمل على إتمام الإجراءات الإدارية للعقود تجاه مصالح المخطط العقاري ومسح الأراضي والولاية وكذا الوكالة العقارية لتسليم العقود لأصحابها.
والمفارز المنشأة في عام 1986 لم تستفد بمشاريع تذكر إلى غاية سنة 2007 حين قامت البلدية ببعض الأشغال الثانوية المتمثلة في إنجاز قنوات لتصريف مياه الأمطار في أعقاب الانزلاقات الأرضية التي سجلت بأحياء بوعباز وبني مالك العلوي وطريق سطورة، إلاّ أنّها توقفت في ما بعد ولم يتم إكمالها، بينما برمجت البلدية الحالية مشاريع بقيمة تفوق الأربعين مليار سنتيم من بين ميزانية سنوية تفوق الخمسمائة مليار سنتيم للبلدية لتهيئة مفارز 500 مسكن وبوعباز وبولقرود ومرج الذيب، إلاّ أنّ ذلك لم يتجسد في الميدان.
وقد اشتكى العديد من السكان بحي بولقرود لاستمرار هده الوضعية، وحسب “ر ـ ب« فإنّ القليل من المحظوظين تمكنوا من التسوية الإدارية لمساكنهم، “إلاّ أنّ الكثير لم يتمكن من ذلك بالرغم من تقديم ملفات كاملة إلى مصالح البلدية سنة 2010، إلاّ أنّ عدم مبالاة المسوؤل الأول على بلدية سكيكدة جعل من الأمور تفلت منه، ونبقى نعاني من هدا الوضع”.
كما التقت “الشعب” بأحد المستفدين من مفرزة المنطقة الصناعية الصغرى ببوعباز، “ل ـ ر« الذي سئم من المشاكل المترتبة على عدم الحصول على التسوية الإدارية لسكنه، ليضع مسكنه للبيع للتخلص منه، ومن المشاكل الناتجة عنه، لعدم التسوية الإدارية لقطعة الأرض التي استفاد منها من قبل البلدية، حيث تسبّب قيامه بإصلاح قنوات تصريف المياه القدرة، بإثارة مشاكل وصلت إلى أروقة العدالة مع جاره المستفيد من البلدية، ولكن وضعية هذا الأخير مسوية، ممّا جعل العدالة تحكم في غير صالحه.
وفي نفس السياق، طالب سكان المفرزتين الاجتماعيتين 6 و7 بالحروش البالغ عددهم 360 قاطنا، بضرورة تدخل السلطات الولائية لدى مديرية أملاك الدولة التي تأخرت عن منحهم عقود الملكية وعدم تسوية وضعيتهم العالقة منذ أزيد عن 15 سنة.
وحسب المعلومات المتوفرة لدينا، فإنّ السلطات الولائية السابقة كانت قد وعدت بحل المشكلة خلال 6 أشهر من تاريخ إنشاء المفرزتين، غير أنّ الوضع استمر قرابة العقدين ليبقى المستفيدون في مواجهة الوضع المزري أمام انعدام قرارات نهائية تعد حلولا جذرية بالنسبة للمستفيدين المتضررين، ليبقى المحيط العمراني للمفرزتين، في حالة يرثى لها إزاء تجميد الأغلفة المالية المخصصة لمشاريع التهيئة منذ عام 1996 بالنسبة للمفرزة رقم 7، فيما يواجه سكان المفرزة رقم 6 وضعية حرجة مفروضة لانعدام أدنى مشاريع التحسين الحضري.
سكيكدة
“مفارز اجتماعية “ بدون تسوية منذ 27 سنة
سكيكدة: خالد العيفة
شوهد:2178 مرة