رجــل المهمـات الصعبـة

أعطى عبد الحميد كرمالي حياته لكرة القدم الجزائرية منذ أن كان لاعبا ممتازا في فريق حزب جبهة التحرير الوطني ولم يتوان في يوم من الأيام من تقديم خدماته لكل الفرق الجزائرية كمدرب أو كتقني.. إلى أن أشرف على النخبة الوطنية وحصوله على كأس إفريقيا في بداية التسعينات.. ومنذ ذلك التاريخ لم ننل أي تتويج قاري إلى غاية اليوم.
كرمالي هذا الشخص العارف بخبايا كرة القدم الجزائرية عمل في هدوء بالرغم من صعوبة الظروف.. واكب الإصلاح الرياضي في ١٩٧٧ كما قاد الفريق الوطني للأواسط إلى كأس العالم باليابان.. ودرب فرقا عتيدة لوفاق سطيف ومولودية الجزائر.
هذا الرجل كان من طينة الكبار الذين يقدرون روح المسؤولية.. وواجب التحفظ عند الضرورة.. فلقد التزم الصمت طيلة مساره المهني التدريبي بعيدا عن التهريج، وإثارة القلاقل، أو حب الظهور وتسليط الأضواء عليه، بل كان يؤمن إيمانا قاطعا بأن الرياضة أخلاق قبل أن تكون ممارسة.. وكل ما يتطلب قوله أو الكشف عنه يكون في إطار منظم وقانوني... هو الذي كان ينسحب من إتمام عمله في حالة الإخفاق ولم يكن أحد بمقدوره إقالة كرمالي نظرا لوزنه والإحترام في الوسط الرياضي.. سواء الجيل القديم أو الجديد.
إننا في هذا اليوم نستحضر نشاط هذا الرجل الذي قضى عمره في ملاعب كرة القدم إيمانا منه بضرورة إيجاد جيل قادر على تمثيل الجزائر أحسن تمثيل على الصعيد الخارجي.
ولم يكن كرمالي في يوم من الأيام يفرق بين المدرب الذي تخرج من مركز الرياضة ببن عكنون، والمدرب الذي جاء من الميدان أو كان لاعبا بل الكل إنصهروا في بوتقة واحدة ألا وهي خدمة الرياضة الجزائرية قلبا وقالبا.. دون أي خلفيات أو ضغوط مادية.. وكل هؤلاء المدربين الذين «تتلمذوا» على أيدي كرمالي وغيره هم الآن في الميدان يعملون وفق خارطة طريق سطرها الأولون الذين يدركون إدراكا قويا بأن مبدأ التكامل بين الأجيال هو المقياس الوحيد للذهاب بعيدا ونعني بذلك الإستفادة من تجارب الآخرين هذا هو المنطق الذي كان يسير عليه كرمالي منذ أن بدأ يداعب الكرة.. لذلك فإن مساره مليء بالنجاحات والتتويجات وهذه الميزة يجب أن تتوفر في هذا الجيل لأن التقدم نحو الأمام هو مفتاح الإرتقاء نحو آفاق واعدة.