في الوقت الذي تراهن فيه السلطات المغربية على المقاربة الامنية والقمع لاجهاض الحراك الاجتماعي الذي تشهده الكثير من مدنها، تجددت المظاهرات، بمدينة جرادة المغربية للمطالبة بـإطلاق سراح المعتقلين وتوفير فرص العمل وتحسين ظروف عيش السكان. ردد المتظاهرون شعارات تطالب بالاستجابة لمطالب السكان، والابتعاد عن المقاربة الأمنية. بث نشطاء على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، أشرطة فيديو لمسيرات تقودها نساء في منطقة حاسي بلال وبأحياء اخرى بالمدينة.
ومن خلال الأشرطة المصورة، ظهر تواجد مكثف لقوات الأمن بالقرب من المتظاهرين.
تصاعد التوتر في المدينة خلال الأيام الماضية، خاصة منذ أحداث الأربعاء ما قبل الماضي، بعد مواجهات قوات الأمن مع متظاهرين، أسفرت عن العديد من الإصابات، واعتقالات واسعة في صفوف النشطاء بالمدينة.
معتقلون يُضربــون عن الطعـام
على صعيد آخر، وبينما يصرّ المنتفضون على مواصلة حراكهم الى غاية تنفيذ مطالبهم، دخل عدد من المعتقلين المتابعين على خلفية الاحتجاجات في مدينة جرادة، في إضراب عن الطعام، وذلك منذ 20 مارس الجاري. أفادت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بأن هذا الإضراب جاء احتجاجا على ما وصفتها بـ «الشروط المزرية التي يعيشونها في السجن المحلي بمدينة وجدة».
إلى جانب ذلك، ذكرت الجمعية، في بلاغ لها، أن المعتقلين أضربوا عن الطعام بسبب عزلهم في زنازين انفرادية. وأوردت المنظمة الحقوقية: «نتابع بانشغال وقلق عميقين ما يهدد الحق في الحياة والحق في السلامة البدنية والحق في الصحة لهؤلاء المعتقلين، وما يطال حقوقهم من انتهاك ممنهج داخل مؤسسة تابعة للدولة، في تجاهل تام لالتزامات الدولة المغربية في مجال حقوق الإنسان».
فيما حذرت المنظمة الحقوقية من «استمرار تجاهل المسؤولين لإضراب المعتقلين عن الطعام»، دعت إلى «حماية حقوق هؤلاء المعتقلين، كما تكفله المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والدستور المغربي لسنة 2011، والقانون المغربي لتسيير المؤسسات السجنية»، على حد تعبيرها.
يقول الناشط الحقوقي، محمد الزهاري، إن «حراك جرادة أكد من جديد ضيق صدر السلطات العمومية في التعاطي مع الحركات الاجتماعي، وأنها دائما تحاول مواجهة الحركات الاجتماعية بمقاربة أمنية تهدف لإخلاء الشارع وتوجيه رسائل للاحتجاجات في مناطق أخرى».
يضيف الزهاري، « أنه بعد تدخل السلطات العمومية بشكل وصفه بالعنيف، تأتي مرحلة الاعتقالات، ونقل معركة الاحتجاجات السلمية إلى معركة أخرى في دهاليز المحاكم والترافع، وتكليف الأسر عبء التنقل من مدنها إلى مقر جلسات المحاكمة.
يتابع الناشط الحقوقي انتقاده لتعامل السلطات مع الاحتجاجات قائلا: «السلطات لا تحترم الحقوق، وما ورد في التقارير الدولية حول حقوق الإنسان يؤكد بالفعل أن السلطات تجهز على الحق في التظاهر، رغم أنه منصوص عليه في الدستور والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية».
يشير المتحدث ذاته إلى أن «سوء المعاملة في المؤسسات السجنية أصبح ظاهرة عامة، انطلاقا من الاكتظاظ، بمعنى أنه الجانب اللوجستيكي لا يستوعب، وعدد السجناء الاحتياطيين يصل إلى أكثر من 50 في المئة من نزلاء السجون».
«حينما يتعلق الأمر بمعتقلي الرأي والحراك، فإنهم يتواصلون مع محاميهم، وبالتالي ما يقع في المؤسسات يخرج على لسانهم»، يضيف محمد الزهاري، الذي يؤكد أن «سوء المعاملة ظاهرة عامة والكل يعاني منها إلى جانب ظروف الاكتظاظ، والمؤكد أنهم يتلقون معاملة سيئة»، على حد تعبيره.