تساءلت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية إن كانت الانتخابات المبكرة التي دعا إليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ستلبي طموحه وطموح حزبه في استعادة الأغلبية المطلقة التي تمتع بها سابقا.
قالت مراسلة الصحيفة لوسي كافانوف في تقرير لها من مدينة إسطنبول إن نتائج الانتخابات الأخيرة التي أفقدت حزب العدالة والتنمية الأغلبية التي تمتع بها لـ 13عاما قد هزت الكيان السياسي التركي هزة عنيفة.
ولم تقتصر مفاجأة الانتخابات الأخيرة التي أجريت في جوان الماضي على فقدان الحزب الحاكم أغلبيته المطلقة، بل تعدى الأمر إلى دخول الأكراد الأتراك إلى البرلمان لأول مرة بعد فوز حزب الشعوب الديمقراطي بأغلبية كافية.
وبعد فشل حزب العدالة والتنمية في مشاورات تشكيل حكومة ائتلافية أعلن أردوغان الجمعة عن انتخابات مبكرة من المزمع إجراؤها في الأول من نوفمبر القادم، الأمر الذي وصفته المراسلة بأنه قد يكون «هزة سياسية أخرى».
ونقلت المراسلة شكوك مراقبين من أن الهدف من الانتخابات المبكرة هو إعطاء الحزب الحاكم فرصة أخرى للفوز بأغلبية مطلقة، وبالتالي تفادي تشكيل ائتلاف حكومي وتحويل منصب الرئيس من منصب شرفي إلى منصب تنفيذي.
من جهة أخرى تثير فكرة الانتخابات المبكرة - حسب الصحيفة- المخاوف من تدهور الاستقرار، في ظل التوتر بجنوب تركيا بين الحكومة والأكراد.
ويرى تقرير الصحيفة أن الانتخابات المبكرة تأتي في وقت ازدادت فيه تأثيرات الحرب السورية على الوضع الداخلي في تركيا، الأمر الذي تجسد في التحاق تركيا في وقت سابق من الشهر الجاري بالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة للقضاء على تنظيم الدولة.
وقد انعكست آثار الوضع السياسي المتوتر في تركيا على ثقة المستهلك بالاقتصاد التركي والذي انخفض إلى أدنى مستوى له منذ ست سنوات حسب أرقام رسمية صدرت حديثا، هذا إلى جانب هبوط سعر صرف الليرة التركية إلى مستوى قياسي.
وكان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو قد قاد مفاوضات شاقة استمرت لأسابيع في محاولة لتشكيل حكومة ائتلافية، إلا أن الفجوة بين حزبه وباقي الأحزاب مثل حزب الشعب الجمهوري العلماني وقفت حجر عثرة في وجه نجاح المفاوضات بحسب مراسلة الصحيفة.
ولم يقتصر الخلاف على العقيدتين السياسية والدينية كما هو الحال بين الحزب الحاكم وحزب الشعب حزب مصطفى أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة، بل للخلاف وجهه السياسي أيضا فحزب الحركة الوطنية يعارض بشدة مفاوضات السلام التي بدأها أردوغان مع الأكراد.
ورأت المراسلة أن المواجهات بين الأكراد والأمن التركي في جنوب البلاد قد تضر بوضع حزب الشعوب الديمقراطي، خاصة بعد أن أمرت السلطات بالقبض على قيادات برلمانية كردية والتحقيق في شبهات إرهابية وارتباطها بحزب العمال الذي تصنفه كل من تركيا والولايات المتحدة جماعة إرهابية.
من جهة أخرى، يرى البعض أن للمشاكل وتصعيد الوضع مع الأكراد حسابات سياسية وراء الكواليس، حيث إنهما قد يضران بسمعة الأكراد وبالتالي قد تخرج حزب الشعوب الديمقراطي من المعادلة في الانتخابات المبكرة القادمة.