بين أسرة المرضى بمجمّع ناصر الطبي آخر شريان صحي في جنوبي غزة، تقف الممرضة الأمريكية فلسطينية الأصل أماندا ناصر لتروي مأساة الواقع الصحي في القطاع الذي يتعرّض لحرب إبادة صهيونية متواصلة، وتؤكّد أنّ تداعيات سوء التغذية والتجويع باتت واضحة على الطواقم الطبية نفسها.
منذ وصولها إلى القطاع قبل نحو أسبوع، انخرطت ناصر (39 عاما) في العمل بقسم الطوارئ وسط تدفّق كبير للشهداء والجرحى، والمرضى خاصة الذين يعانون مضاعفات سوء التغذية جراء سياسة التجويع الناجمة عن تشديد الاحتلال حصاره المفروض على القطاع منذ مطلع مارس الماضي.
وفي إطار مبادرات الدعم الطبي الموجّهة إلى قطاع غزة، تعمل أماندا في مهمة طبية إنسانية بمجمّع ناصر الطبي، في مدينة خان يونس، وتصف تجربها بأنها “مؤثرة للغاية”، مشيرة إلى أنّ “الوضع كارثي، ونظام الرعاية الصحية يوشك على الإنهيار، في المستشفى الأخير العامل بجنوب القطاع”.
عدد الإصابات يثقل كاهل الفرق الطبية
وتقول ناصر: “الإمكانات الطبية محدودة للغاية، فيما يعيش الطاقم الطبي تحت ضغط هائل وخوف دائم بسبب الغارات المتواصلة”، لافتة إلى أنّ العدد الكبير من الإصابات اليومية يثقل كاهل الفرق الطبية.
وتضيف: “معظم الإصابات التي تصل إلى المستشفى خطيرة ومروّعة، وتشمل طلقات في الرأس والصدر والبطن والحوض والأطراف، إضافة إلى كسور وإصابات بالغة في الأطراف”.
وتشير ناصر، إلى أنّ “الحالات التي تصل المستشفى تكون خطيرة للغاية ونحن نستقبل عددا كبيرا من الشباب تحديدا، تتراوح أعمارهم بين أعمار المراهقين و20 عاما”، لافتة إلى أنّ “معظم هؤلاء لا ينجون بسبب خطورة إصاباتهم”. وقالت، إنّ الأطباء “يضطرون لإجراء عمليات بتر وجراحات كبرى، بينما يحرم نقص الكوادر والإمدادات الطبية البعض الآخر من العلاج”.ولفتت إلى أنّ موارد المستشفى وإمكاناته محدودة بسبب الحصار الصّهيوني، “فأحيانا يتوجب علينا الاختيار بين من يستحق إعطاءه تنفّسا صناعيا وإمكانية نجاته أم لا، القرار حاسم وصعب للغاية”.
الجميــع جائــع
كما تحدثت ناصر عن “المعاناة المضاعفة للمرضى والطاقم الطبي بسبب المجاعة المنتشرة في القطاع جراء الحصار الصّهيوني”.
وتقول: “سوء التغذية بات ظاهرا على المرضى وحتى على الكادر الطبي نفسه”. وتضيف ناصر: “الجميع نحفاء للغاية ويعانون من الجفاف، ويعملون لساعات طويلة”، مشيرة إلى أنها “شهدت حالات وفاة لأطفال رضع داخل المستشفى جراء نقص الغذاء”.وبصوت يختلط فيه الأسى بالإصرار، توجّه ناصر رسالة إلى العالم قائلة: “نحن بحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، ونريد دولة فلسطينية مستقلة”.
وتضيف: “الفلسطينيون هنا يحاولون فقط عيش حياة طبيعية. إنهم لا يستحقون هذا، هذه هي أبشع وأفظع طريقة لمعاملة البشر”. ودعت ناصر الرّئيس الأمريكي دونالد ترامب “للقدوم إلى غزة والإطلاع على الوضع بأم عينه، كما دعت الصّحفيين أن يواصلوا الحديث بصوت عالي والتحدث بصدق ونقل الرسالة للعالم.