أكّد حقوقيون وكتاب من المغرب أنّ بلادهم تحولت، بسبب تفشي الفساد والاتجار في المخدرات، إلى “دولة مافيا” تحميها قوات الأمن، محذّرين من أنّ تغلغل الفساد في جميع منافذ الدولة والمجتمع أصبح أخطر تهديد تعرفه البلاد.
وفي هذا الإطار، أكّد الناشط الحقوقي والسياسي المغربي، محمد قنديل في مقال له، أنه “في بلد يحكم بقبضة من حديد ويحكمه منطق الغنائم، لم يعد من المستغرب أن تصبح الدولة نفسها تاجرا للمخدرات”، مشدّدا على أن “الخطر الحقيقي لم يعد يتمثل في شبكات الاتجار المحظورة، بل إنّ التهديد الحقيقي يكمن في تورّط قمة السلطة في الاتجار الدولي بالمخدرات”.
رجال السلطة متورّطون في تجارة المخدرات
وأبرز في السياق علاقات شخصيات نافذة في النظام المغربي ببارونات المخدرات، مؤكّدا أنّ الأمر ليس مجرّد شائعات بل تم توثيقه في تقارير استخباراتية وإعلامية أوروبية ودولية.
وأضاف الحقوقي المغربي بأنّ “تجّار المخدرات ابتلعوا الدولة بعد أن سيطروا على الأحزاب السياسية باستخدام الأموال القذرة ومن ثم التسلّل إلى مجلسي البرلمان، بالإضافة إلى تفكيك استقلال القضاء لصالح أباطرة القنب والكوكايين، وتسخير الجيش ومختلف مصالح الأمن لحماية مصالح المافيا، وليس لضمان أمن المواطنين”.
من جهته، أكّد الكاتب والإعلامي المغربي، علي أنوزلا، أنّ “التطبيع مع الفساد وتغلغله في جميع منافذ الدولة والمجتمع، تحول إلى أخطر تهديد (لها)، في ظل تغييب الأحزاب السياسية والنقابات المعارضة والقضاء على حرية التعبير والتضييق على المبلّغين عن الفاسدين، نتيجة لغياب إرادة سياسية حقيقية”.
وفي مقال له تحت عنوان “الفساد، الخطر الذي يهدّد المملكة”، قال أنوزلا: إنّ الفساد “ليس طارئا جديدا على المجتمع المغربي، بل ظاهرة تغلغلت في جميع مسامه حتى أصبحت التقارير الرسمية تصفه بالفساد متعدّد الأبعاد بما أنه تحول إلى ظاهرة تخترق جميع شرائح المجتمع”.
الفساد اخترق كل مؤسّسات المملكة
وأوضح أنّ الفساد “تحول إلى بنية اجتماعية وسياسية وثقافية قائمة بذاتها، تخترق المجتمع والدولة بكل مؤسّساتها وتشكّل عائقا حقيقيا أمام أي محاولة للانطلاق الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، وهو ما يفسّر تنامي مستوى الفقر متعدّد الأبعاد الذي يعاني منه 2,5 مليون مغربي، حسب آخر إحصاء رسمي لعام 2024، واتساع الفوارق الاجتماعية، بحيث أصبح أكثر من 4,7 ملايين مغربي مهدّدين بالسقوط تحت خط الفقر، والأخطر من ذلك اتساع الفوارق الجهوية الذي يدفع إلى مظاهرات مطالبة بأبسط متطلّبات الحياة”.
وتطرّق أنوزلا إلى تسريبات حديثة أعادت الجدل في المغرب من جديد حول حجم الفساد الذي ينخر بنية الدولة المغربية على أعلى المستويات، بعدما أظهرت وثائق ما راكمته وزيرة مغربية من ثروة “خيالية” ناهزت 400 مليون درهم (أي نحو 40 مليون يورو) بين عامي 2023 و2024، من خلال الاستيلاء بطرق “غير قانونية” على عقارات شاسعة في مدينة مراكش وبيعها.
تضييق على المبلّغين عن نهب المال العام
إلى ذلك، انتقد ذات المتحدث “المعركة الشرسة” التي تشنّها الدولة ضدّ جمعيات المجتمع المدني من خلال حملات التضييق وتعريضها لمتابعات قضائية لثنيها عن الابلاغ عن الفاسدين ولصوص المال العام.
وفي سياق ذي صلة، عبّرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن استغرابها من دعوة دولة المخزن من داخل أروقة الأمم المتحدة بجنيف، العالم لمحاربة الفساد، في الوقت الذي تسجّل فيه البلاد تناميا رهيبا للظاهرة بسبب تورّط مسؤولين سامين في المملكة.