المخـزن يمارس تضييقا ممنهجـا

المجتمع المدني المغربـي مهــدّد فــي استقلاليتـه

استنكر حقوقيون مغاربة تصعيد نظام المخزن لأساليب التضييق الممنهجة ضد الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان والامعان في غلق المجال الحقوقي، في تحد سافر لكل القوانين والمواثيق، معتبرين ذلك “مؤشرا خطيرا” على انتهاج سياسة غير معلنة تستهدف العمل الحقوقي المستقل وتضرب في الصميم الحريات الأساسية.
وأعرب الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان -في بيان- عن استنكاره “البالغ” إزاء ما وصفه بـ«المنحى التصاعدي لانتهاك الحق في التنظيم” في المغرب، بسبب استمرار عدد من مصالح السلطات الإدارية في الامتناع عن تسليم وصولات الإيداع القانونية للعديد من الجمعيات والهيئات المنضوية تحت لوائه منذ شهور بل وسنوات، رغم التزامها التام بالمقتضيات القانونية.
واعتبر ذات الائتلاف -الذي يضم 20 هيئة حقوقية- أن هذا المنع “إخلال واضح” بالمقتضيات الدستورية و “تجاهل تام” للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الوطنية و “انتهاك صريح” للالتزامات الدولية في مجال حماية حرية تأسيس الجمعيات، واصفا هذا السلوك بـ«الشطط الواضح في استعمال السلطة” و “تحقير لأحكام القضاء الصادرة لصالح الهيئات المتضررة” و«مؤشر على وجود سياسة غير معلنة تستهدف العمل الحقوقي المستقل”.

يــوم وطنـي احتجاجــي

وشدّد البيان على أن حرمان هذه الهيئات من وصل الإيداع “لا يشكل فقط مخالفة قانونية صريحة بل يعد تراجعا خطيرا عن مكتسبات دستورية وحقوقية راكمها الشعب المغربي بنضالات وتضحيات، كما يمثل ضربا لمبدأ حياد الإدارة وللخطاب الرسمي عن إشراك المجتمع المدني في بلورة سياسات عمومية ناجعة، وتهديدا جديا لاستقلالية المجتمع المدني كفاعل رئيسي في السعي الحثيث إلى وضع أسس تشييد دولة الحق والقانون”.
وأعلن الائتلاف الحقوقي عن تشبثه بالحق في التنظيم وتضامنه الكامل مع كافة الهيئات الحقوقية والنقابية والسياسية والجمعوية والمهنية المتضررة من هذا الانتهاك، موجها نداءه إلى “كافة الهيئات الحقوقية والمدنية وكل القوى المناصرة لحقوق الإنسان لتوحيد الجهود والتصدي لهذه الممارسات عبر أشكال نضالية وحدوية سلمية وحضارية”.
كما أعلن الائتلاف عن شروعه في سلسلة من المبادرات التصعيدية لفضح هذه الممارسات، من بينها تحديد يوم وطني احتجاجي تحت شعار “لن تشمّعوا جمعياتنا ولا أفواهنا”، وإطلاق عريضة وطنية للتنديد بسياسات منع الوصل الإداري، مع توجيه مراسلة رسمية إلى المقررة الأممية الخاصة بالحق في حرية التظاهر والتجمع السلمي والدعوة إلى زيارة ميدانية للمغرب من طرفها، ومراسلة كل المؤسسات الدولية المعنية “قصد التحرك العاجل لوقف هذه التجاوزات التي تروم تكميم الأفواه ومصادرة الحريات”.وفي سياق متصل، ندّدت جماعة العدل والإحسان بحملة التضييق والمنع الواسعة التي طالت قيادييها وبعض أعضائها عبر ربوع المملكة، من خلال إغلاق وتشميع السلطات العمومية لبيوتهم، مشيرة الى انه “رغم عدم استناد تلك الإجراءات إلى أي سند قانوني ورغم أن بعض المحاكم قضت بعدم مشروعية ذلك الإغلاق الإداري التعسفي، إلا أن الدولة لا زالت متعنتة في رفع الإغلاق”.وطيلة 19 عاما، تعرضت البيوت المغلقة للتخريب والنهب والإهمال دون أي تدخل من السلطات رغم شكاوي المعنيين المتكرّرة، في سياق ملف يبقى شاهدا على واقع استمرار المنع والقمع والتضييق في حق الجماعة “دون أي مراعاة للشرعية أو المشروعية، وفي تحد سافر لكل القوانين والمواثيق التي تحمي حقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية”.

الاتجــار بالشهـادات.. فســاد يتغــــوّل

فيما تواصل قضية تزوير الشهادات الجامعية العليا إثارة المزيد من الجدل حول تغوّل الفساد في المغرب، حيث دقّ العديد من الخبراء والسياسيين والبرلمانيين والحقوقيين ناقوس الخطر حول المستويات “المخيفة” التي وصلت إليها الظاهرة التي امتدت إلى الجامعات، بعد تفشيها في مختلف القطاعات.
وفي هذا الإطار، سلطت الأستاذة الجامعية والخبيرة الاقتصادية، عائشة العلوي، في مقال لها الضوء على تفشي الفساد في المملكة بصفة عامة وفي الجامعات بصفة خاصة، مؤكدة أنه “لم يعد مجرد خلل إداري بل أزمة قيم ومجتمع”، و حذّرت من افتقار مؤسسات الرقابة للفعالية والإرادة السياسية، ومن توجه المجتمع إلى التطبيع مع الفساد واعتباره “سلوكا مقبولا”.
وقالت في هذا الصدد: “حين تتحوّل الشهادات الجامعية إلى سلعة والمناصب إلى ريع والانتخابات إلى صفقات، فإننا لا نتحدث فقط عن فساد إداري أو مالي بل عن تصدع عميق في البنية المجتمعية، التي يفترض أن تشكل عماد دولة الحق والقانون”، منبهة إلى أن هذه الظاهرة “لم تعد حالة شاذة، بل قاعدة اجتماعية تعيد إنتاج ذاتها داخل المجتمع المغربي”.
وفي السياق، أدان حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المغرب بسبب “تغول الفساد في هياكل الدولة والتستر على رموزه وانحباس الحقل السياسي في ظل استمرار سياسة الإفلات من العقاب وغياب المحاسبة والمساءلة، والهجوم على الحقوق والحرّيات”.

وصمة عــار علـى جبـين المخزن

من جهته، دقّ البرلماني المغربي خالد السطي، عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، ناقوس الخطر بشأن المستويات “المخيفة” التي بلغها الفساد الجامعي والتي تمثلت في قضايا ابتزاز وتجارة الشهادات وسوء تدبيرها.
كما توقف النائب السابق لرئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، سمير بوزيد في مقال له عند تفشي الفساد في المغرب، والذي أصبح يعرقل التنمية ويهدّد المال العام ويضعف ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
بدورها، حاصرت البرلمانية ربيعة بوجة، وزير التعليم العالي بالحكومة المخزنية في مجلس النواب، بسؤال حول استفحال الفساد في الجامعات، معتبرة بيع الشهادات الجامعية وصمة عار على جبين السلطة وانحدار لمنظومة التعليم ومساس بسمعة المغرب.من جانبه، وصف القيادي في حزب العدالة والتنمية، محمد يتيم، في مقال له، بيع الشهادات الجامعية بالفضيحة “المدوية والخطيرة التي تكشف أن الفساد أصبح ظاهرة مستشرية لم تسلم منها جلّ القطاعات”.
أما الكاتب والإعلامي المغربي علي أنوزلا، فيرى في مقال له تحت عنوان “الجامعة المغربية تحت المجهر”، أن الفضائح المتتالية في الجامعة المغربية “تكشفت أنها تحولت إلى مرتع للفساد، يكثر فيها المعروض للبيع والشراء”.
وتابع يقول: “هذه الفضائح ليست سوى الأعراض الظاهرة لأمراض خبيثة تنخر الجامعة والمجتمع المغربي، لأن الأمر يتعلق بأزمة فساد مستشر في قطاعات المجتمع والدولة، تشهد عليه تقارير دولية دورية تنبه إلى خطورة استفحاله وتجذره”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19791

العدد 19791

الخميس 05 جوان 2025
العدد 19790

العدد 19790

الأربعاء 04 جوان 2025
العدد 19789

العدد 19789

الثلاثاء 03 جوان 2025
العدد 19788

العدد 19788

الإثنين 02 جوان 2025