مذبحة جديدة استهدفت تجمعا للمساعدات برفح

الاحتلال الصهيوني يوســّع العمليــات العسكريـة ونطاق الاجتيـاح الـبرّي

بلدية غزة توجّه نداء عاجلا والمستشفيات تدّق ناقوس الخطر

كثّف جيش الاحتلال الصهيوني قصفه الجوّي والمدفعي على مناطق شمالي وقلب مدينة غزة، بوتيرة متسارعة خلال الأيام الأخيرة، وتزامن ذلك مع تصعيد عمليات تدمير المنازل والأبراج السكنية المتبقية مع أوامر إخلاء أصدرها الاحتلال الصهيوني للسكان في شمالي قطاع غزة، يدفعهم فيها إلى التوّجه جنوباً، على غرار ما كان يجري في بداية الحرب، وفي وقت ارتكب فيه الاحتلال مجزرة جديدة في جنوب قطاع غزة، مستهدفاً المواطنين الذين ينتظرون المساعدات بالمنطقة المخصّصة لتوزيعها في “منطقة العلم” بمحافظة رفح فجراً، ما أدى لسقوط أكثر من 20 شهيداً.

 حصدت غارات الاحتلال الصهيوني أمس الثلاثاء، عشرات الشهداء والجرحى في مجزرة جديدة بحق فلسطينيين كانوا ينتظرون المساعدات غربي رفح جنوب قطاع غزة، وطالبت حماس بوقف “الآلية القاتلة” لتوزيع المساعدات والتي تحوّلت إلى “مصايد موت”. وأفادت مصادر في مستشفيات ناصر والأقصى والشفاء بغزة باستشهاد 42 فلسطينيا بنيران الاحتلال في مناطق عدّة بالقطاع منذ فجر أمس الثلاثاء، منهم 27 استشهدوا في المجزرة التي ارتكبتها قوّات الاحتلال بحق منتظري المساعدات في رفح. وأعلنت وزارة الصحة في القطاع ارتفاع ضحايا مراكز “المساعدات” إلى 75 شهيدا و400 مصاب.

جهود وقف الإبادة متواصلة

وبالإضافة إلى ذلك، استشهد عدد من المواطنين وأصيب آخرون، مساء أمس الثلاثاء، إثر قصف الاحتلال خيمة تؤوي نازحين وسط غزة. وأفادت مصادر طبية، باستشهاد 8 مواطنين وإصابة عدد آخر بجروح بينهم حالات خطيرة، إثر قصف طيران الاحتلال الحربي خيمة لنازحين داخل مبنى بنك فلسطين في منطقة مكتظة بحي الرمال في مدينة غزة.
كما استشهد مواطن على الأقل جراء استهداف الاحتلال مجموعة من المواطنين في منطقة الشعف شرق غزة. وطالت أوامر الإخلاء الصهيونية أيضاً مناطق في جنوب قطاع غزة، إذ أصدر الاحتلال، أوامر إخلاء للفلسطينيين في منطقة جديدة بخانيونس، في سياق توسيع عمليته العسكرية ونطاق اجتياحه البري.
وفي حين يواصل الوسطاء جهودهم الدبلوماسية للعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وفي هذا السياق، كشف مصدر مطّلع على سير المفاوضات حول غزة لوقف إطلاق النار، عن عقد لقاء مهم، في الدوحة، بين وفد من حركة حماس ومسؤولين قطريين، في إطار جهود متجدّدة لإحياء المفاوضات المتعثرة بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين الحركة والكيان الصهيوني المحتل.

الاحتلال يخنق المنظومة الصحية

قالت وزارة الصحة في غزة أن الاحتلال الصهيوني يتعمّد تقويض وخنق المنظومة الصحية من خلال الإخلاءات للمناطق التي تتواجد بها المستشفيات ومراكز تقديم الرعاية الطبية، مشيرة إلى أن الإخلاءات الأخيرة بمحافظة خانيونس تُشكل تهديداً مُباشراً لإخراج مجمع ناصر الطبي عن الخدمة.
وأكدت أن المجمع هو المستشفى الوحيد في جنوب القطاع الذي يضم خدمات تخصصية يتهددها التوقف، لافتة إلى أن عشرات المرضى والجرحى في العناية المركزة، وغرف العمليات، والطوارئ، والأطفال في أقسام الحضانة أمام موت محقق حال خروج المجمع عن الخدمة.
وكان المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة قال، في تصريح إعلامي، أن ما يحدث هو “ابتزاز جماعي منظم”، حيث تُستخدم المساعدات كأداة للحرب، وتُشرف عليها شركة أمريكية صهيونية بتنسيق كامل مع الاحتلال الذي ينصّب كمائن القتل تحت غطاء “المناطق العازلة”.
وأضاف الثوابتة أن هذا النموذج القاتل يحوّل نقاط توزيع الغذاء إلى مصايد موت جماعي، مما يدل على أن الغرض منها ليس الإغاثة، بل فرض سيطرة أمنية عبر القتل الجماعي. كما وجهت بلدية مدينة غزة نداء عاجلا لتوفير الآليات والوقود، محذّرة من شلل شبه تام يهدّد بتوقف الخدمات الأساسية بالمدينة، في حين دعا مسؤولون بقطاع الصحة إلى ضرورة إنقاذ ما تبقى من المستشفيات لتتمكن من تقديم الخدمات الطبية للسكان. وقالت بلدية غزة إن الاحتلال دمر 134 آلية، أي ما يعادل نحو 80% من عدد الآليات التابعة للبلدية، مؤكدة عدم توفر الوقود والزيوت بشكل دائم لتشغيل الآليات والمرافق الخدمية.
وناشدت بلدية غزة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ضرورة التدخل العاجل وتوفير الاحتياجات الإنسانية الطارئة، ومساعدة البلدية في الحد من الكارثة الخطيرة التي تعيشها المدينة.

الاحتلال ينفذ مخطّطاته بالضفة

ومن جهته حذّر عاطف الحوت، مدير عام مجمع ناصر الطبي في خانيونس بقطاع غزة، من أن صدور أوامر إخلاء لمستشفى ناصر، يعني الحكم بالإعدام على 500 مريض وما يقارب 40 مريضا داخل العناية المركزة، موضحاً أن “الاحتلال أصدر أوامر إخلاء لجميع المناطق حول مجمع ناصر الطبي، ولا يشمل الإخلاء المستشفى نفسه”، مشيرا إلى أنه حتى الآن لم يتم تطبيق إجراءات الإخلاء للمناطق المهددة بمحيط مستشفى ناصر، وفي حال طبقت سيكون الوضع كارثيا ويستحيل وصول المصابين والشهداء للمستشفى.
وأضاف الحوت في تصريح صحافي، أمس الثلاثاء، أن أفراد الطواقم الطبية داخل المجمع يعانون الأمرين بين توفير المأوى والغذاء لعائلاتهم وبين القيام بمهامهم، موضحا أنه لا يوجد أي مستشفى أو مكان يمكن تحويل المرضى والجرحى إليه.
وأكد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان، أن الاحتلال الصهيوني ينفذ حملة مسعورة لفرض الوقائع على الجغرافيا الفلسطينية وترحيل الفلسطينيين. وأوضح شعبان أمس الثلاثاء أن الاحتلال يحكم سيطرته على 90% من الأغوار، وهجّر خلال الأشهر الماضية 30 تجمعا بدويا تعيش فيها 323 عائلة.
وأشار إلى أن الهيئة رصدت تنفيذ 1196 اعتداء وهدم 121 منشأة فلسطينية في الضفة الغربية خلال شهر مارس الماضي. وأكد شعبان أن الاحتلال الصهيوني يسابق الزمن لتنفيذ مخططاته في الضفة مستغلا حرب الإبادة على قطاع غزة، ودعا شعبان المجتمع الدولي إلى “التدخل الفعّال لمعاقبة دولة الاحتلال على انتهاكاتها ورفضها لقرارات عدم شرعية الاستيطان”.

إحياء مسار سياسي جديد

بينما أعلن المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود البصل أن عدد الشهداء في صفوف الدفاع المدني ارتفع إلى 115 شهيدًا منذ بدء العدوان الصهيوني، إضافة إلى أكثر من 300 مصاب بينهم حالات بتر وفقدان للبصر، فضلا عن 27 جريحًا يرقدون في العناية المركزة وحالات أخرى تحتاج للعلاج خارج القطاع. ووصف البصل آلية توزيع المساعدات الموجودة حاليا بأنها “كارثية” وتُدار وفق نظام “عشوائي ومرتبك تماما”.
واقتحمت قوات الاحتلال الصهيوني صباح أمس الثلاثاء، عدة قرى وبلدات في الضفة الغربية، واعتقلت عدداً من الفلسطينيين. في مخيم الأمعري جنوب مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية.
وبالموازاة مع ذلك أكدت وزيرة الدولة لشؤون وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية فارسين شاهين، أن مؤتمر السلام المقرر في 17 من الشهر الجاري برئاسة سعودية فرنسية سيتخذ سلسلة خطوات لتجسيد إقامة دولة فلسطين.
وأشارت في حديث إعلامي، إلى أن طريقة عمل المؤتمر ومخرجاته ستكون مختلفة عن المؤتمرات والاجتماعات السابقة، موضحة أن المؤتمر سيشكل ثماني مجموعات تقود كل واحدة منها دولتين لنقاش ملف محدد مثل الأمن والاقتصاد واحترام القانون الدولي. وشدّدت شاهين على أن المؤتمر يعطي فرصة لإحياء مسار سياسي جدي، في ظل حديث بعض الدول للاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19791

العدد 19791

الخميس 05 جوان 2025
العدد 19790

العدد 19790

الأربعاء 04 جوان 2025
العدد 19789

العدد 19789

الثلاثاء 03 جوان 2025
العدد 19788

العدد 19788

الإثنين 02 جوان 2025