دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاثنين، إلى تحقيق مستقل في استشهاد العشرات، جراء استهداف جيش الاحتلال الصهيوني مركز توزيع مساعدات غذائية في قطاع غزة، وسط إصرار الاحتلال على القتل البشع بحق المدنيين”.
وقال غوتيريش في بيان: “روّعت إزاء التقارير التي تفيد عن مقتل وإصابة فلسطينيين أثناء سعيهم للحصول على مساعدات في غزة... من غير المقبول أن يخاطر الفلسطينيون بحياتهم من أجل الغذاء”. وأضاف “أدعو إلى تحقيق فوري ومستقل في هذه الأحداث ومحاسبة الجناة”.
منع مركبات الإسعاف
وكانت مؤسسة أمريكية قد بدأت بتوزيع المساعدات، تحت إشراف الاحتلال الصهيوني، في مناطق محدّدة بمدينة رفح خلال الأيام الماضية، ما أدى إلى فوضى عارمة، وسط مشاهد من الإذلال للفلسطينيين الباحثين عما يسد جوعهم. وكانت الأمم المتحدة ومؤسساتها قد رفضت التعاون مع المؤسسة، قائلة إنها لا تحترم المبادئ الإنسانية الأساسية. ومنع الاحتلال مركبات الإسعاف من الوصول إلى المكان الذي يصنفه منطقة عسكرية، ما دفع المواطنين إلى نقل الشهداء والمصابين عبر قطع بلاستيكية أو ألواح الزينكو، أو على الدراجات الهوائية وعربات تجرها حيوانات، واستمرت عملية النقل لنحو ثلاث ساعات.
وبدوره قال “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان”: إنّ الاحتلال الصهيوني قتل وأصاب أكثر من 600 فلسطيني من المجوّعين قرب ثلاث نقاط توزيع مساعدات أنشأها في مناطق خاضعة لسيطرته المطلقة جنوبي قطاع غزة خلال أسبوع واحد فقط، محذرًا من تحوّل تلك النقاط إلى مصائد دموية، وسط استمرار الصمت الدولي المطبق وغياب المساءلة.
وفي بيان صحفي، أكد المرصد أن قوات الاحتلال تتعمد استهداف المدنيين الفلسطينيين الذين يُجبرهم الجوع الشديد على التوافد إلى تلك النقاط، مشيرًا إلى أن ما يُعرف بـ«الهيئة الإنسانية” التي أنشأتها الكيان الصهيوني وواشنطن لإدارة توزيع المساعدات، تحوّلت فعليًا إلى أداة للاستدراج والإعدام الميداني، تحت غطاء إنساني زائف.
وقال المرصد إن هذه الآلية، التي تديرها منظمة أمريكية مرتبطة بالاحتلال الصهيوني، تفتقر للحد الأدنى من شروط العمل الإنساني، سواء من حيث البنية التحتية أو الحياد أو ضمان سلامة المدنيين. وبدلاً من التخفيف من الكارثة الإنسانية، أصبحت هذه النقاط مسرحًا للقنص المباشر، والطائرات المسيّرة، والرصاص العشوائي، ما أدى إلى سقوط المئات بين قتيل وجريح، بينهم أطفال ونساء. وأشار إلى أن هذه الممارسات تمثل امتدادًا لسياسة تجويع ممنهجة يمارسها الكيان الصهيوني منذ أكثر من 20 شهرًا، في إطار حرب شاملة تتحول يومًا بعد يوم إلى إبادة جماعية بحق سكان قطاع غزة. فقد وثّق المرصد مقتل 102 فلسطيني وإصابة 500 آخرين قرب مراكز توزيع خلال 8 أيام فقط، بينما لم تُفتح أي تحقيقات مستقلة أو محاسبة أي جهة مسؤولة عن هذه المجازر.
وحشية الاحتلال في غزة
أكدت منظمة أطباء بلا حدود، أن نظام توزيع المساعدات الحالي بقطاع غزة “خطير” ويفتقر إلى حد بعيد للمعايير الإنسانية والفعالية. وقالت منسقة شؤون الطوارئ كلير مانيرا، في بيان نشرته المنظمة، أن استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة آخرين وهم ينتظرون حصولهم على الطعام من مراكز التوزيع “يظهر خطورة النظام الجديد لتوزيع المساعدات وافتقاره للإنساني. والفعالية إلى حد بعيد”. ولفتت إلى أن نظام التوزيع الحالي أسفر عن سقوط شهداء وجرحى من المدنيين “كان من الممكن تفاديه”. وأضافت: “لا بد من أن تقدم المساعدات الإنسانية حصريا عبر منظمات إنسان تمتلك الكفاءة والإرادة لتقديمها بشكل آمن وفعال”.
وفي سياق آخر، أشار البيان إلى أن فرق أطباء بلا حدود في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس جنوب القطاع، شاركت، في علاج إصابات خطيرة، وأن فرق الأطباء اضطرت أيضا للتبرع بالدم لإنقاذ الجرحى، مع اقتراب بنوك الدم من النفاد. ونقل البيان عن مصابين فلسطينيين قولهم أنهم تعرضوا لإطلاق نار من جميع الجهات بواسطة طائرات مسيرة ومروحيات وزوارق ودبابات الاحتلال، بالإضافة إلى قوات الاحتلال على الأرض.
من جهته، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى إنهاء “الوحشية” التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في غزة “من أجل الإنسانية والتضامن والعدالة”.
وخلال افتتاح مستشفى في مدينة مليلية، أدان سانشيز الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في غزة منذ أكثر من عام ونصف.
وقال سانشيز: “لقي مئات الأطباء والممرضين حتفهم في غزة لأنهم لم يتركوا مرضاهم وراءهم”، مؤكدا على أن إسبانيا وفلسطين تتشاركان شواطئ البحر الأبيض المتوسط، موجها رسالة تضامن دولي من أجل الكرامة الإنسانية والسلام في فلسطين. كما أشار إلى أن العاملين في مجال الصحة الفلسطينيين يموتون وهم يعانقون المدنيين الذين يحاولون إنقاذهم.