لا بديل عن احترام إرادة الشعب الصحراوي وحقه غير القابل للتصرّف في تقرير المصير
في الوقت الذي كان فيه الصحراويون ينتظرون من الإدارة الأمريكية الجديدة إنصافهم بالدّفع نحو حلّ القضية الصحراوية بشكل عادل ومنصف وفق ما أوصت به مختلف اللوائح والقرارات الأممية الصادرة خلال العقود الخمسة الماضية، تفاجأوا بموقف صادم عبّر عنه كاتب الدولة الأمريكي، ماركو روبيو، الثلاثاء بواشنطن، يتضمن اعتراف بلاده بالخيار الاستعماري المغربي المسمى “الحكم الذاتي” كحل وحيد للقضية الصحراوية.
وردّا على هذا الموقف المنحاز للاحتلال والمنافي للشرعية الدولية، أوردت الحكومة الصحراوية وجبهة البوليساريو في بيان صدر أمس، رفضهما لفحوى التصريحات الصحفية الأخيرة لكتابة الدولة الأمريكية التي تعتبر بأن المخطط الاستعماري المغربي المسمى “الحكم الذاتي “هو الحل الأوحد لنزاع الصحراء الغربية.
وأعرب البيان الصحراوي عن الأسف العميق تجاه انحياز الإدارة الأمريكية الواضح للأطروحات التوسعية المغربية على حساب الجمهورية الصحراوية، في تناقض صارخ مع الشرعية الدولية، المتمثلة في قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وكذا الأحكام الصادرة عن محاكم دولية، إفريقية وأوروبية، والتي لا تعترف للمغرب بأية سيادة على الصحراء الغربية، وتؤكد جميعها على الطبيعة القانونية لقضية الصحراء الغربية بأنها قضية تصفية استعمار لم تكتمل نتيجة لمحاولة المملكة المغربية التملص من التزاماتها بمقتضى خطة التسوية التي وافقت عليها مع جبهة البوليساريو سنة 1991 تحت إشراف منظمتي الوحدة الأفريقية والأمم المتحدة، والتي صادق عليها مجلس الأمن بالإجماع وأنشأ بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية ( المينورسو) لتنفيذها.
لا حـلّ للقضية خـــارج الشرعيــة
ويضيف البيان أن الطرف الصحراوي يعارض أي ربط أو مقايضة لقضية الصحراء الغربية، باعتبارها قضية تصفية استعمار، مع مواقف أو تحالفات تتعلق بقضايا أخرى. مؤكّدا بأنّه لا يمكن معالجة القضية الصحراوية خارج إطار الشرعية الدولية المبنية على قدسية مبدأ حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال والسيادة، وعلى احترام حقوق الإنسان، والمبادئ الديمقراطية التي تشكل الأساس لأي حل عادل ودائم، كما أضافت الحكومة الصحراوية وجبهة البوليساريو بأنّه خلال خمسة عقود من عمر النزاع، بسبب العدوان المغربي على الشعب الصحراوي، اتّضح بأن المحاولات الرامية إلى فرض حلول خارج قرارات الشرعية الدولية وفي تجاهل وتناقض مع مبدأ حق تقرير المصير وإلزامية ممارسته بصفة ديمقراطية وشفافة، باءت كلها بالفشل.
الانحياز يغذي الانسداد والتوتر
وقالت “إن الانحياز المعلن والصريح للاحتلال المغربي اللاشرعي قد يقوض دور الإدارة الأمريكية الحالية في لعب أي دور بنّاء في عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية. كما أنه يحولها من طرف قد يُنظر إليه كميسر نزيه إلى طرف في النزاع، بما يُنذر بمزيد من التعقيد والتصعيد في المنطقة، ويفتح الباب أمام تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار الإقليميين.
وأضافت: “لقد كان الموقف التقليدي للإدارات الأمريكية السابقة، سواء الجمهورية أو الديمقراطية، أكثر اتزاناً وموضوعية، بما يعكس القيم الأمريكية واحترام مبادئ القانون الدولي. ولذا، كانت الولايات المتحدة تُعتبر دوماً فاعلاً إيجابيا في الدفع نحو حل سلمي متوازن، لا طرفاً يغذي التوتر بدعم غير مشروط للطرف المعتدي.
واعتبر البيان الصحراوي أيضا بأن هذا الموقف يتناقض، من جهة أخرى، مع ما أعلن عنه الرئيس ترامب بأن هدف إدارته هو تحقيق السلام في العالم.
وانتهى البيان إلى التأكيد على أن هذا الموقف لا يُشكل خيبة أمل للطرف الصحراوي فحسب، بل يمثل خسارة للمكانة الأمريكية الدولية، وصورتها كدولة تبني نفوذها وقيادتها على قيم الحرية، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، والسلام القائم على العدل.
وجدّد الطرف الصحراوي تمسكه بالسلام العادل المبني على الشرعية الدولية، وبمفاوضات حقيقية لا تقوم على تشريع الاحتلال اللاشرعي والإملاءات، بل على احترام إرادة الشعب الصحراوي وحقه غير القابل للتصرف في تقرير مصيره والاستقلال، والسيادة الكاملة على أرضه، التي لا يملك غيره حق التصرف فيها.