ندّدت منظمة تجمع المدافعين الصّحراويّين عن حقوق الإنسان بالصّحراء الغربية “كوديسا”، بشدّة بزيارة رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي للصّحراء الغربية المحتلة، معربة عن قلقها البالغ إزّاء التدهور الشديد لوضعية حقوق الإنسان بالأراضي الصّحراوية المحتلة، في ظل استمرار قوة الاحتلال المغربي في مصادرة حق الشعب الصّحراوي في تقرير المصير وسيادته على ثرواته.
ندّدت المنظمة الصّحراوية، في بيان لها، بـ “موقف الحكومة الفرنسية الداعم لجريمة استمرار الاحتلال العسكري المغربي للإقليم والمعرقل بشكل ممنهج لممارسة حق الشعب الصّحراوي في تقرير المصير، ولمنع خلق آلية دولية لحماية المدنيّين الصّحراويين بالأراضي المحتلة في تناقض صارخ مع مبادئ القانون الدولي”.
وأشارت ذات المنظمة إلى أنّ زيارة رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي للصّحراء الغربية المحتلة ليست الأولى، بل سبقتها زيارة عضو من أعضاء الحكومة الفرنسية إلى الجزء المحتل من الصّحراء الغربية في فصل جديد من فصول العدوان على الشعب الصّحراوي وعلى القانون الدولي وقواعد الشرعية الدولية.
وبخصوص إمعان الاحتلال المغربي في انتهاك حقوق الإنسان، أكّدت منظمة “كوديسا” أنّ “الاحتلال المغربي يفرض حصارا شديدا على المدن الصّحراوية المحتلة ويمعن في استهداف الحقوقيّين والمدوّنين وعائلات السّجناء السياسيّين الصّحراويين، في محاولة لمصادرة حق الشعب الصّحراوي في التظاهر ورفع الأعلام الوطنية الصّحراوية وترديد الشعارات المطالبة بالاستقلال وتقرير مصير الشعب الصحراوي”.
واستدل في هذا الإطار بما وقع مع مجموعة من النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمدوّنين والمدنيّين الصّحراويين خلال محاولتهم التظاهر بشكل سلمي بشارع السمارة بمدينة العيون المحتلة، تخليدا للذكرى 49 للإعلان عن تأسيس الجمهورية العربية الصّحراوية الديمقراطية وتنديدا بزيارة رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي للصّحراء الغربية، وتضامنا مع السّجناء السياسيّين بالسّجون المغربية، وضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في حق المدنيّين الصّحراويين.
مصـــادرة الحق فـي التجمّـع والتظاهـر
وأكّدت “كوديسا” أنّ قوة الاحتلال المغربي صادرت بالقوة حق المدنيّين الصّحراويين في التجمع والتظاهر السلمي، ومنعت البعض منهم من مغادرة منازلهم التي خضعت للمراقبة. كما خضع غالبية النشطاء الصّحراويين للمتابعة من قبل شرطة الاحتلال المغربي.
واستعرضت المنظمة الحقوقية الصّحراوية شهادات لمجموعة من الحقوقيات والحقوقيّين من ضحايا القمع المخزني، مثل المختطفة السابقة والمدافعة الصّحراوية عن حقوق الإنسان الدكجة لشكر، الناشطة السياسية والحقوقية مريم دمبر، والسّجينة السياسية الصّحراوية السابقة محفوظة بمبا لفقير، والإعلامية الصّحراوية الصالحة بوتنكيزة اللّواتي تعرّضن لاعتداءات جسدية ولفظية.
وذكرت في السياق أيضا الحقوقي وسجين الرأي الصّحراوي السابق سيدي محمد ددش، رئيس اللجنة الصّحراوية للدفاع عن تقرير المصير بالصّحراء الغربية، وبشري بن الطالب، رئيس الجمعية الصّحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية وعدد من الحقوقيّين الآخرين، مثل عبد الكريم أمبيركات وعبد الرحمان زيو وحسنة دويهي ولعروصي لفقير. كما حاصرت ومنعت عناصر شرطة قوة الاحتلال المغربي مجموعة من عضوات “كوديسا” من المشاركة في المظاهرة السلمية بعد منعهنّ من مغادرة المنزل بحي القدس بالعيون المحتلة.
فـكّ الحصـار العسكـري والاعلامـي
وقد رصدت المنظمة الصّحراوية خضوع مجموعة من منازل المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيّين والمدوّنين الصّحراويين، للحصار والمراقبة من قبل أجهزة شرطة قوة الاحتلال المغربي.
وفي ختام البيان، دعت المنظمة الحقوقية مجدّدا المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى “إعمال القانون الدولي الإنساني بالصّحراء الغربية وإلى تصفية الاستعمار، من خلال تمكين الشعب الصّحراوي من حقه في تقرير المصير عبر استفتاء حرّ وعادل ونزيه”.
كما ناشدت المنظمات الحقوقية الدولية والضمائر الحية في العالم للتحرّك العاجل لحماية حقوق الإنسان بالصّحراء الغربية وفك الحصار العسكري والإعلامي المضروب بقوة على الإقليم، مع العمل على تحرير السّجناء السياسيّين الصحراويّين المتواجدين بمختلف السّجون المغربية.
فرنسا راعيـة للاستعمـار
في الاثناء، أعرب المجلس الوطني الصّحراوي، عن استنكاره الشديد للزيارة الاستفزازية التي قام بها رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي إلى مدينة العيون المحتلة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الأوروبية، والتي تؤكّد كلها على الوضع القانوني للصّحراء الغربية كقضية تصفية استعمار.
وأكّد المجلس الوطني الصّحراوي، في بيان له، أنّ “هذه الخطوة تضع فرنسا، باعتبارها عضوا في مجلس الأمن، أمام مسؤولياتها تجاه مساعي الأمم المتحدة الرامية إلى تصفية الاستعمار من الصّحراء الغربية”. كما شجب ذات المجلس “خروج فرنسا عن الإجماع الدولي في تشجيع للاحتلال العسكري المغربي اللاشرعي للصّحراء الغربية، وهو ما يفاقم من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في المناطق الصّحراوية المحتلة”.
و شدّد في السياق على أنّ “هذه الزيارة لرئيس مجلس الشيوخ إلى مدينة العيون المحتلة، لا يمكنها تغيير الواقع الاستعماري أو الوضع القانوني للصّحراء الغربية كقضية تصفية استعمار بقدر ما تكشف للعالم الوجه الحقيقي لفرنسا الاستعمارية والراعية للاستعمار، وتضعها أمام تناقضاتها مع شعارات الحرية وحقوق الإنسان”.