بالموازاة مع مشاركته كضيف شرف في المعرض الدولي للفلاحة، الذي يُقام بفرنسا، فتحت الصّحافة الأوروبية نيرانها تجاه المغرب، وأصدرت تقارير سوداء تعكس الوجه القبيح للنظام المخزني، خاصة في تعامله اللاإنساني مع المهاجرين غير النظاميّين الذين يعيشون أوضاعا صعبة ويشكلون جزءا أساسيا من القوة العاملة في الحقول والمزارع المغربية.
نشرت صحيفة “لاكروا” تقريرا لا يخلو من انتقادات حادة للمملكة المغربية التي يقوم قطاعها الزراعي على المنافسة غير العادلة من خلال اعتمادها بشكل أساسي على العمالة الرخيصة، والتي تشمل آلاف المهاجرين السريّين الذين يعملون في ظروف قاسية داخل مزارع لا تخضع منتوجاتها لنفس المعايير الصحية الأوروبية، علاوة على أنّ اليد العاملة المستخدمة لا تتوفر على الحد الأدنى من الحقوق. وتضيف الصحيفة “في الماضي، كانت هذه الأعمال الفلاحية مخصّصة للنساء المغربيات الفقيرات، لكنها اليوم تذهب غالبًا إلى المهاجرين، لأنهم أقل تكلفة وأكثر توافرا”.
ويتقاضى هؤلاء العمال أجورا تتراوح بين 70 و90 درهم يوميّا، وهي أجور زهيدة لا توفّر الحد الأدنى من العيش الكريم. وكثير من هؤلاء المهاجرين جاؤوا إلى المغرب على أمل الوصول إلى أوروبا، لكن بسبب عمليات الترحيل القسرية التي تقوم بها السلطات المغربية لمنعهم من الوصول إلى السواحل الشمالية، ولجوئها إلى القمع والعنف عند قيامها بدور الدركي الحامي لحدود القارة العجوز، يضطر هؤلاء المهاجرين للبحث عن أي عمل يقتاتون منه، حتى وإن كانت ظروفه صعبة ومهينة. ويشير تقرير” لاكروا” إلى أنّ “الوضع غير القانوني لهؤلاء العمال يتم التغاضي عنه من طرف السلطات المخزنية، نظرًا إلى أنهم يشكلون جزءا أساسيا من الاقتصاد المحلي”. إضافة إلى ظروف العمل القاسية، يواجه المهاجرون مخاطرا صحية بسبب تعرضهم المستمر للمواد الكيميائية والمبيدات الزراعية، فالمنتجات المستخدمة في الزراعة سامة جدًا.
وبالخصوص تقول إحدى المهاجرات “حتى عند ارتداء الكمامة، أنزف من أنفي حتى نهاية الموسم”. وتضيف وهي تري يديها المتشقّقتين: “انظر! في هذا العمر، لدي يد تشبه يد امرأة في الستين، هذه المواد الكيميائية تقتلنا ببطء”.
الوضع الصحي لهؤلاء العمال ليس المشكلة الوحيدة التي يواجهونها، بل يمتد إلى انعدام الضمانات الاجتماعية، حيث لا يحصلون على أي تغطية صحية، ما يجعلهم يصرفون معظم دخلهم على العلاج. يقول كيمانو، وهو ناشط اجتماعي من غينيا عمل سابقًا في القطاع الزراعي: “كل ما نكسبه، نصرفه على الأدوية. ليس لدينا أي تغطية صحية تحمينا من المخاطر”. ومع استمرار التصدير نحو الأسواق الأوروبية، تبقى أوضاع هؤلاء العمال بعيدة عن أنظار المستهلكين الأوروبيّين الذين يجدون على موائدهم منتوجات فلاحية، لا يعلمون أنّ وراءها قصة تعب واستغلال.