لا تكاد الانتقادات الموجّهة للحكومة المغربية بسبب “انفصامها” عن الواقع تهدأ، حتى تتعالى أخرى لتضع رئيسها عزيز أخنوش في قفص الاتهامات لإخفاقه في تحقيق الحماية الاجتماعية لجميع المغاربة وحماية الحقوق، ولجوئه إلى حلول “ترقيعية” فاقمت من الهشاشة الاقتصادية وكرّست الفقر واللّامساواة.
انتقدت “العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان”، في مراسلة وجّهتها إلى رئيس الحكومة بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية الذي يصادف 20 فبراير من كل عام، “ضعف سياسات الحماية الاجتماعية التي أظهرت عدم فعاليتها في التكفل بالفئات الهشة”، معتبرة أنّ تحقيق العدالة الاجتماعية “ليس ترفًا سياسيّا بل ركيزة أساسية للاستقرار والتنمية، وأي تأخير في معالجة الاختلالات القائمة سيؤدي إلى تعميق الأزمات الاجتماعية وخلق مزيد من الاحتقان ممّا قد يؤثر سلبا على الاستقرار العام”.
وقالت العصبة أنّ “التقارير الوطنية والدولية أظهرت أنّ المغرب يواجه تحديات هيكلية في تحقيق العدالة الاجتماعية”، مشيرة إلى أنّ “نسبة كبيرة من الثروة الوطنية تتركّز في يد أقلية من الشركات والعائلات الثرية، في حين يعيش ملايين المغاربة في ظروف صعبة وازداد هذا الوضع تأزّما بفعل ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين”.
محاسبة المتورّطين في الفساد الاقتصادي
إلى ذلك بيّنت المراسلة أنّ البطالة “لا زالت من أبرز التحديات التي تواجه الشباب المغربي، حيث تسجّل معدلات جد مرتفعة خاصة في صفوف حاملي الشهادات، بينما يظل القطاع الغير مهيكل الملاذ الوحيد لعدد كبير من المواطنين ما يحرمهم من الحماية الاجتماعية وظروف العمل اللائقة”، داعية إلى مكافحة الفساد والاحتكار من خلال محاسبة المتورّطين في الفساد الاقتصادي وتشديد الرقابة على الأسواق وتعزيز الشفافية في تدبير الموارد العمومية”.
في غضون ذلك، نبّهت ذات الهيئة في مراسلتها بخصوص قطاع التعليم، إلى المشاكل البنيوية التي لا تزال تتخبّط فيها المدرسة العمومية إلى جانب ارتفاع نسب التسرّب المدرسي الذي فاقم من حدة التفاوتات الاجتماعية. أمّا بالنسبة لقطاع الصحة، فهو الآخر يعاني من نقص في الموارد البشرية وضعف البنية التحتية، ما يجعل الحصول على العلاج حقّا صعب المنال لفئات واسعة من المواطنين خاصة في المناطق القروية والنائية”. كما حذّرت من أنّ “استمرار هذه الاختلالات يهدّد الاستقرار الاجتماعي ويكرّس الإقصاء والتهميش”، منتقدة اعتماد الحكومة على سياسيات “ترقيعية غير كفيلة بتحقيق العدالة الاجتماعية”.
لا ثقة في السّلطة
وبنبرة حادّة، انتقد حزب “العدالة والتنمية” فشل رئيس الحكومة في تحقيق العدالة الاجتماعية التي تعهّد بها أمام الشعب المغربي، مؤكّدا أنّ “السياسي يجب أن يكون مستأمنا على مصالح الدولة والشعب، وهو ما أخفق فيه أخنوش الذي أثبت عدم قدرته على مواجهة الأزمات والتعامل مع القضايا الجوهرية، التي تشغل المغاربة بسبب افتقاره لمقاربة صائبة في موضوع الدعم المباشر والحماية الاجتماعية”. وحذّرت ذات التشكيلة السياسية من أنّ الحكومة الحالية تقود البلاد “نحو نفق مسدود بسبب انعدام الثقة في مؤسساتها وتخبطها في القرارات المصيرية، ما يدفع المغاربة إلى فقدان الثقة بشكل كامل في السلطة، بما قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد”.