تواصل الحكومة المغربية إخفاقها في وضع استراتيجيات ناجعة لاحتواء الأزمات المتفاقمة في مختلف القطاعات، وهو ما تجلى في الاحتجاجات المتزايدة التي يقودها الفاعلون الاجتماعيّون والنقابيّون رفضا للسياسات الحكومية، التي تكرّس التهميش وتعمّق الفوارق الاجتماعية.
في سياق الاحتجاجات، ندّدت الفيدرالية الديمقراطية للشغل باستمرار الحكومة في تبني خيارات اقتصادية واجتماعية تزيد من حدة التفقير وتقويض القدرة الشرائية للمواطنين، في ظل موجة غلاء غير مسبوقة، مؤكّدة، في بيان صادر عن مجلسها الوطني الخميس، أنّ الحكومة تتّجه نحو سحق الطبقة الوسطى وتمكين لوبي المال والأعمال من الهيمنة على مقدرات البلاد.
وأبرز البيان أنّ الحكومة، بدلا من البحث عن حلول جذرية للأزمات الاجتماعية والاقتصادية، اختارت نهج سياسة التجاهل والتضييق على الحركة النقابية عبر تمرير قوانين مجحفة. ومن بين هذه القوانين، يبرز القانون التنظيمي للإضراب الذي وصفته الفيدرالية بمحاولة مكشوفة لتجريم العمل النقابي وخنق صوت العمال، ممّا يعد انتهاكا صارخا للدستور والمواثيق الدولية. كما انتقدت النقابة استمرار الحكومة في المماطلة بشأن إخراج قانون النقابات، ممّا يرسّخ الفوضى في المشهد النقابي ويضعّف قدرة العمال على الدفاع عن حقوقها.
وحذّرت من أنّ الإصرار على تمرير قوانين تراجعية من شأنه تأجيج الاحتقان الاجتماعي، خاصة في ظل استمرار تجميد الأجور ورفع الأسعار وتقليص الحماية الاجتماعية.
وأمام هذا الوضع، حملت الفيدرالية الحكومة مسؤولية تفاقم الأوضاع الاجتماعية، محذّرة من أي محاولة للمساس بمكتسبات العمال، خصوصا فيما يتعلّق بمنظومة التقاعد والتعاضد، التي تعد من الركائز الأساسية لحماية الفئات الهشة وضمان استقرارها المعيشي.
وفي ذات السياق، أكّد حزب “العدالة والتنمية” أنّ استمرار غلاء أسعار العديد من المواد الأساسية بالرغم من تراجع معدلات التضخم عالميا، يفسره تفشي الاحتكار والجشع وغياب المنافسة الشريفة، وهي مظاهر تتجلى في تضارب المصالح الذي يجسّد أسوأ أشكاله رئيس الحكومة نفسه.
وسجّل الحزب، في بيان لأمانته العامة، أنّ هذه الوضعية في المغرب بلغت أوجها بفوز شركة رئيس الحكومة ضمن تحالف شركات بصفقة تحلية مياه البحر بجهة الدار البيضاء، وتقديمه بعد ذلك طلبا للحصول على الدعم العمومي لهذا المشروع، رغم تعارض ذلك مع القانون.
وندّد الحزب بما اعتبره استمرار الحكومة في تبني سياسات عمومية توفر الحماية للفساد، وسحبها لمشروع القانون الجنائي المتعلّق بمحاربة الإثراء غير المشروع وتعطيل رئيس الحكومة للجنة الوطنية لمكافحة الفساد، فضلا عن محاولاتها تمرير مقتضيات ضمن مشروع القانون الجنائي تهدف إلى التضييق على آليات التبليغ عن الجرائم المالية. كما نبّه الحزب إلى خطورة تفاقم معدلات البطالة، لا سيما في صفوف الشباب وأثّر ذلك على الوضع الاقتصادي والاجتماعي العام.