عثر الحرس المدني الإسباني على نفق في المنطقة الصناعية “تاراخال” بمدينة سبتة، يشتبه في استخدامه لتهريب المخدّرات من المغرب صوب إسبانيا وأوروبا.
الاكتشاف، الذي جاء بعد تحقيقات مكثفة، يؤكّد مرة أخرى الدور المركزي الذي يلعبه المغرب في تجارة المخدّرات العابرة للحدود، حيث تحوّلت المملكة إلى مورد رئيسي لهذه السّموم نحو القارة الأوروبية.
ووفقا للصّحافة الإسبانية، فإنّ النفق الذي تم اكتشافه الأربعاء يبلغ عمقه 12 مترا وطوله 50 مترا على الأقل. وقد تم العثور عليه بعد عمليات بحث دقيقة في إطار تفكيك شبكة لتهريب المخدّرات. وأسفرت هذه العملية عن توقيف 14 شخصا، بينهم برلماني مغربي اسباني وأفراد من الشرطة، ما يسلّط الضوء على حجم الفساد المتغلغل في شبكات تهريب المخدّرات التي تربط المغرب بإسبانيا.
وجاء اكتشاف النفق بعد رصد شحنات ضخمة من المخدّرات تعبر إلى إسبانيا دون تفسير واضح لكيفية دخولها، ما دفع السلطات إلى التحقيق في احتمال وجود منشآت سرية تحت الأرض تستخدم لهذا الغرض. وعقب تفكيك الشبكة، تمكّنت الشرطة من ضبط 700 كيلوغرام من المخدّرات كانت مخبأة في مرائب بالمنطقة الصناعية المجاورة للمغرب. وأوضحت الصّحافة الاسبانية أنه لم يكن اكتشاف هذا النفق مفاجئا. فالمغرب يعد المنتج الأول في العالم لمخدّر الحشيش، وفق تقارير الأمم المتحدة، ويشكل تهريبه نحو أوروبا عبر مختلف الوسائل، سواء التقليدية كالقوارب السريعة والشاحنات أو الوسائل المتطورة مثل الأنفاق السرية، تهديدا أمنيا وصحيا للدول المستقبلة.
ورغم جهود الدول الأوروبية لمكافحة هذه التجارة القاتلة، فإنّ السلطات المغربية لم تظهر جدية في محاربة زراعة وتصدير القنب الهندي، بل إنّ العديد من التقارير تؤكّد تورّط مسؤولين مغاربة في هذه الشبكات أو على الأقل تغاضيهم عنها، ما يجعل المغرب دولة رئيسية في تزويد السوق الأوروبية بهذه السموم.
وتساءلت الصحافة الاسبانية عن كيفية حفر نفق بهذا الحجم على الحدود المغربية دون علم السلطات، مشكّكة في أن لا تكون هناك جهات داخل المغرب على دراية بوجود مثل هذه البنية التحتية المعقّدة، مشيرة إلى أنّ غياب تحقيقات جدية من الجانب المغربي حول هذا النفق يطرح شكوكا حول مدى تورّط بعض المسؤولين أو على الأقل تقصيرهم في التصدي لهذه الأنشطة. ورغم أنّ الحرس المدني الإسباني تمكّن من ضبط النفق في سبتة، فإنّ حل اللّغز بالكامل يبقى رهين تحقيقات مغربية تكشف عن امتداداته داخل الأراضي المغربية وتحديد الجهات التي سمحت بحفره دون رادع، إن لم تكن قد ساهمت في إنشائه.
إن استمرار المغرب في تصدير المخدرات نحو أوروبا لا يشكّل تهديدا أمنيا فقط، بل كارثة صحية واجتماعية تهدّد ملايين الشباب الأوروبيّين الذين يقعون ضحايا لهذه التجارة القاتلة. يشار إلى أنّ اكتشاف نفق “تاراخال” ليس سوى جزء من شبكة أوسع لتهريب المخدّرات والمغرب يظل الحلقة الأساسية في هذه السلسلة، ما يتطلّب استراتيجيات دولية أكثر صرامة لمواجهة هذا الخطر الداهم.