خيام النّزوح تتحوّل إلى ثلاّجات للموت

من ينجـو من قصـف الاحتلال يقتله الـبرد أو الجــوع أو القهـر

 ارتقى أمس الرضيع جمعة البطران في خيمة بدير البلح، وسط القطاع بسبب البرد وانخفاض درجات الحرارة، وهو الرضيع الخامس الذي استشهد من البرد في ظرف أسبوع، في حين تدهورت حال توأمه علي.
قبل أيام، استشهد أربعة أطفال حديثي الولادة تتراوح أعمارهم بين (4 و21) يوما، نتيجة انخفاض درجات الحرارة، والبرد الشديد.
وحسب مصادر، “سبب انعدام الأمن الغذائي بين الأمهات في ظهور حالات مرضية جديدة بين الأطفال، ممّا يفاقم الوضع الصحي في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة”.
وكان المفوّض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، أفاد السبت، بأن أطفال غزة يتجمدون حتى الموت بسبب الطقس البارد وعدم وجود مأوى، مشيرا إلى أنّ “البطانيات والمراتب وغيرها من مستلزمات الشتاء عالقة في المنطقة منذ أشهر بانتظار الموافقة على الدخول إلى غزة”.

يموتون بردا وتخنقهم الأزمات

 “من ينجو من قصف ‏الاحتلال يقتله البرد”، هكذا يصف الغزّيون الوضع، من قلب واقعهم الصّعب، الذي تختلف فيه أسباب الموت، لكنه يظل الأكثر حضورا؛ وسط أوضاع إنسانية سيئة، وطقس قاس، يُفاقمه انهيار المنظومة الصحية، والمأوى، في القطاع ‏الذي يعيش على إيقاع عدوان الاحتلال الصهيوني المُتواصل، منذ أكتوبر 2023.‏
الكثير من البرد والأمطار المتهاطلة، وشحّ في المواد الغذائية والمُستلزمات الطبية، ونقص بوسائل التدفئة، والقليل من الخيام، وإن وُجدت فهي مُهترئة ولا تنفع إلا لمنع القليل من البلل؛ هكذا يوصف الوضع المعيشي في قلب ما بات يُنعت بـ«أسوأ بقعة جغرافية يمكن العيش بها”، بسبب مُواصلة عدوان الاحتلال الصهيوني عليهم.
ويعيش الآلاف من الغزيين في قلب خيم متهالكة، حيث لا بديل لهم سواها، بعد قصف مأواهم، واستحالة الحياة فوق الركام والنفايات ودون توفّر المياه؛ ومع حلول فصل الشتاء بات اختيارهم الصعب أشدّ صعوبة، حيث يفتك بهم البرد القارس، وتجرف حاجاتهم الأمطار الغزيرة.
وبألم كبير يتذكّر الغزّيون خبر استشهاد الطبيب أحمد الزهارنة قبل أيام بسبب البرد المُتفاقم، واستُشهد الزهارنة بمستشفى غزة الأوروبي جرّاء البرد القارس؛ إذ عُثر على جثّته داخل خيمته المُهترئة المتواجدة في منطقة المواصي، جنوبي قطاع غزة المحاصر، والذي يعيش أوضاعا لم تعد الكلمات كافية لوصفه.
وفي حديثهم عن هذا الوضع المرعب، يقول عدد من الغزّيين: “أن تعيش في غزة يعني أن الاستشهاد مؤكّد، فيما تتعدّد الطرق نحوه”، مبرزين: “من لم يمت قصفا، سيموت جوعا أو بردا أو قهرا، أمام مرأى العالم، وبالبثّ المُباشر أحيانا؛ تعبنا ونحن صامدون، فأتى الشتاء وجعلنا أقرب للانهيار، للأسف”. وتابعوا: “البرد هنا في غزة، كفيل أن يوقظ عليك كل المواجع الصحية وغير الصحية؛ أصبح كل من هنا متأثرا بسبب البرد القارس داخل خيام، والله لا تصلح للعيش؛ الكل بات يشتكي من آلام في العظام، أو نزيف من الأنف، أو كثرة الإسهال، المهم الوضع بسبب البرد صعب وقاس ومؤلم”.

«لا مكان للأطفال”

 الوضع المزري المُتفاقم بغزة، يكشف بالصوت والصورة عن واقع آخر يعيشه الأهالي في غزة، خاصة الأطفال، إلى جانب عدوان الاحتلال عليهم بالليل والنهار. ظروف قاسية يتكدّس فيها مئات الآلاف من الفلسطينيين، في قلب خيام مصنوعة من القماش والبلاستيك، عقب فرارهم من القصف.
أطفال كُثر، قتلهم البرد في الأيام القليلة الأخيرة بغزة، أكثرهم تداولا، سيلا محمود الفصيح، البالغة من العمر أسبوعين فقط، التي وُجدت، متجمّدة من البرد القارس، في واحدة من الخيام الموجودة على شاطئ البحر في مواصي خان يونس، التي تعدّ وفق الاحتلال “منطقة إنسانية آمنة مؤقتة للنازحين” وهي ذاتها التي قصفها مرارا.
وعبر مقطع فيديو انتشر على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، قال والد الرضيعة محمود الفصيح، إنهم استيقظوا صباح الأربعاء، فوجودوا اللون الأزرق يطغى على الرضيعة “سيلا” فيما نزف الدم من فمها وأنفها.

ثلاّجات الموت

 وتابع أنّهم توجّهوا بها لعيادة تتبع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، إذ أبلغهم الأطباء هناك أن “قلب الطفلة توقف من البرد”، فيما أبرز في الوقت نفسه أنهم يعيشون أوضاعا مأساوية داخل خيمة من القماش لا تصلح للسكن، حيث ينامون على الرمال الباردة، دون فراش أو مستلزمات تقيهم برد الشتاء.
وكتب مدير عام وزارة الصحة بغزة، منير البرش، بتغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “إكس”: “ليست خياما بل ثلاجات موت..استشهدت رضيعتان خلال أسبوع واحد بسبب البرد القارس في خيام النزوح بقطاع غزة، وما زلنا في الأيام الأولى من فصل الشتاء”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19815

العدد 19815

الأحد 06 جويلية 2025
العدد 19814

العدد 19814

السبت 05 جويلية 2025
العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025