أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، أمس السبت، اعتقال الجيش الصهيوني مدير مستشفى كمال عدوان، بمحافظة شمال قطاع غزة حسام أبو صفية. جاء ذلك بعد ساعات من إعلان الوزارة اقتياد جيش الاحتلال لأبو صفية وطاقم المستشفى إلى التحقيق بعد احتجازهم.
الاعتقال جاء بعد يوم من إطلاق الجيش الصهيوني عملية عسكرية في منطقة مستشفى “كمال عدوان” ومحطيه، أخلى على إثرها الطواقم الطبية والمرضى والجرحى المتواجدين في المشفى قسريا واعتقل بعضهم وأحرق أجزاء واسعة من مبانيه رغم وجود عدد من الأطباء والمرضى داخلها.
وتسببت العملية بخروج آخر مستشفى رئيسي في محافظة الشمال عن الخدمة بشكل كامل، وفق بيان لوزارة الصحة.
المرضى يصارعـون المـوت
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة، أمس، إن الجيش الصهيوني دمر البنى التحتية للمستشفى “الإندونيسي” بمحافظة الشمال قبل إجلاء مرضى إليه بشكل قسري من مشفى “كمال عدوان” الجمعة، محذرة من فقدان بعضهم للحياة بسبب عدم توفر المستلزمات.
وأضافت الوزارة في بيان: “ليلة قاسية مرت على المرضى والمصابين الذين تم إجلاؤهم قسرا إلى المستشفى الإندونيسي الليلة الماضية، وهم في وضع مزر وصعب للغاية، حيث لا يوجد ماء ولا كهرباء ولا غطاء ولا طعام ولا مستلزمات”.
وتابعت: “بدأ العد التنازلي لفقدان حياتهم، في ظل احتجاز الاحتلال لمعظم الطاقم الصحي (التابع لكمال عدوان)، حتى لا يلتحقوا بالمرضى في المستشفى الإندونيسي”.
وأوضحت أن الجيش الصهيوني “دمر البنية التحتية للمستشفى الإندونيسي مسبقا قبل إجلاء المرضى قسرا إليه”.وناشدت الوزارة المؤسسات والجهات المعنية بضرورة “إيجاد حل عاجل للمرضى والمصابين المتواجدين داخل المستشفى الإندونيسي”.وكانت وزارة الصحة قالت الجمعة إن الجيش الصهيوني أخلى “بعض المرضى من مستشفى كمال عدوان تحت تهديد السلاح إلى المستشفى الإندونيسي الذي قام الاحتلال بتدميره قبل عدة أيام”.
طلب عاجل مــن الصّحــة العالميــة
في السياق، طالبت منظمة الصحة العالمية، أمس، بحماية منظومة الرعاية الصحية في غزة بعد استهداف مستشفى كمال عدوان، وأوضحت أن 60 عاملاً صحيًا و25 مريضًا في حالة حرجة، بما في ذلك أولئك الذين يستخدمون أجهزة التنفس الصناعي، ما زالوا في المستشفى.
واضطر المرضى الذين تتراوح حالتهم بين المتوسطة والشديدة إلى الإخلاء إلى المستشفى الإندونيسي المدمر وغير العامل. وتشعر منظمة الصحة العالمية بقلق عميق على سلامتهم.وتأتي الغارة على مستشفى كمال عدوان بعد تصعيد القيود المفروضة على وصول منظمة الصحة العالمية وشركائها، والهجمات المتكررة على المنشأة أو بالقرب منها منذ أوائل أكتوبر.
وذكرت منظمة الصحة العالمية في بيان أن “مثل هذه الأعمال العدائية والغارات تفسد كل جهودنا ودعمنا للحفاظ على الحد الأدنى من عمل المنشأة”.
وأضافت أن “التفكيك المنهجي للنظام الصحي في غزة هو حكم بالإعدام على عشرات الآلاف من الفلسطينيين المحتاجين إلى الرعاية الصحية”.
وتابعت: “يجب أن ينتهي هذا الرعب ويجب حماية الرعاية الصحية ووقف إطلاق النار”.
مـبرّرات الاحتــلال واهيـة
هذا وقد برّر الجيش الصهيوني جريمته المروّعة في مستشفى كمال عدوان باستهدافه لعناصر من حماس الذي زعم بأنّهم جعلوا من هذه المؤسسة الصحية مركزا لعملياتهم ضدّه.
لكن حركة “حماس” نفت أي وجود عسكري لها أو لفصائل أخرى في مستشفى كمال عدوان. وقالت في بيان صحفي لها: “ننفي نفيا قاطعا وجود أي مظهر عسكري أو تواجد لمقاومين في المستشفى، سواء من كتائب القسام أو أي فصيل آخر، فالمستشفى كان مفتوحا أمام الجميع والمؤسسات الدولية والأممية تعرف المستشفى جيدا”.وذكرت الحركة أن “الكذب والتضليل الصهيوني ليس بجديد، فقد سبقه ترويج نفس الادعاءات ضد المستشفيات التي دمرها الاحتلال في قطاع غزة”، ومنها مستشفى الشفاء بمدينة غزة، والتي أثبتت التقارير والتحقيقات الدولية زيف الادعاءات الصهيونية.وطالبت الحركة الأمم المتحدة بإدانة تدمير الجيش الصهيوني لمستشفى كمال عدوان، وتشكيل لجنة تحقيق أممية للنظر في حجم الجريمة التي يرتكبها في شمال قطاع غزة الذي يشهد مخطط إبادة وتهجير مكتمل الأركان، والعمل أيضا على توفير الخدمات الطبية بعد تدمير كافة المرافق الصحية في الشمال.
أطبـاء استشهــدوا حرقـا
هذا، ونقلت وسائل إعلام عن مصادر طبية فلسطينية، أن عددا من الكوادر الطبية في مستشفى كمال عدوان، استشهدوا حرقا بالنيران التي أشعلتها قوات الاحتلال في المستشفى، نتيجة امتداد النيران لأقسام واسعة منه.
كما أبدت المصادر تخوّفها الشديد على مصير الكوادر الطبية التي تمّ اعتقالها، ويذكر أنه وفي 10 نوفمبر 2023، اعتقل جيش الاحتلال الطبيب إياد الرنتيسي من غزة، قبل أن تُعلن صحيفة صهيونية في 19 جوان 2024 عن “وفاته” في مركز تحقيق تابع لجهاز الأمن الداخلي الصهيوني “الشاباك” بمدينة عسقلان جنوب فلسطين المحتلة بعد أسبوع من اعتقاله.
أما الطبيب عدنان البرش فاعتقله جيش الاحتلال في ديسمبر 2023، قبل أن يُعلن عن استشهاده في 19 أبريل الماضي داخل معتقل عوفر الصهيوني.
3 مجـازر والنازحـون يعانـون
وبالموازاة مع عدوانها على المستشفيات بالشمال، ارتكبت قوات الاحتلال الصهيوني 3 مجازر في قطاع غزة خلال الساعات 24 الماضية، ما أدى إلى استشهاد 40 فلسطينيا وإصابة نحو 100 آخرين.
وأعلنت مصادر طبية ارتفاع حصيلة الإبادة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في غزة إلى 45 ألفا و436 شهيدا، وأكثر من 100 ألف جريح منذ السابع من أكتوبر 2023.
وأفاد مراسلون أمس بأن 11 فلسطينيا استشهدوا وأُصيب آخرون، في قصف للاحتلال استهدف تجمعا لمدنيين شمال غزة ومنزلا وسط القطاع، كما أفادوا بوقوع إصابات جراء قصف صهيوني استهدف خيام النازحين في منطقة المواصي غربي مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
واستشهد 9 فلسطينيين جراء قصف جوي استهدف منزلا في مخيم المغازي وسط قطاع غزة، كما استشهد فلسطينيان وأصيب آخرون، في قصف الاحتلال تجمعا للمواطنين في جباليا البلد والنزلة شمال قطاع غزة.
واستشهد 6 فلسطينيين وأصيب آخرون، في غارات صهيونية عنيفة على عدة أحياء في بيت حانون شمال قطاع غزة، كما استشهدت سيدة نازحة بإطلاق نار من طائرة مسيّرة صهيونية في منطقة الجندي المجهول بحي الرمال غربي مدينة غزة.كما نسف الاحتلال عددا من المباني السكنية في المناطق الجنوبية لمدينة غزة، فيما أطلقت آليات الاحتلال نيرانها تجاه المناطق الجنوبية من حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد من الفلسطينيين.وفي أجزاء واسعة من قطاع غزة، فاقمت أجواء الطقس السيئة والرياح العاتية معاناة النازحين، حيث غرقت العديد من الخيام بمياه الأمطار فيما اقتلعت الرياح بعضها. وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة.
انتهاك للقانـون الدولـي
معلوم أن العديد من الدول العربية أدانت بأشد العبارات جريمة الاحتلال في مستشفى كمال عدوان، واعتبرت ما قام به الكيان الصهيوني جريمة حرب وانتهاكاً سافراً لأحكام القانون الإنساني الدولي، وتصعيداً خطيراً في مسار المواجهات ينذر بعواقب وخيمة على أمن واستقرار المنطقة.
من جهتها، نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية، عن الرئاسة إدانتها “الجريمة الخطيرة التي ارتكبها جيش الاحتلال بإحراق مستشفى كمال عدوان في بلدة بيت لاهيا والذي يقدم خدماته لأكثر من 400 ألف نسمة”.