صورة قاتمة يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة بعد أن بلغت مأساتهم درجة افتقارهم إلى الغذاء والموت جوعا، حيث أظهرت مقاطع فيديو تزاحم عشرات الأطفال والنساء للحصول على الطعام، كما أظهرت نساء وأطفال يبكون لعدم قدرتهم على تحصيل القليل من الطعام لسد جوعهم وجوع عائلاتهم.
قفز معدل غلاء المعيشة بشكل حاد في قطاع غزة خلال الأشهر القليلة الماضية، وسط استمرار حرب الإبادة للشهر الخامس عشر على التوالي، والقيود الصهيونية المفروضة على دخول البضائع من السلع الأساسية والمواد الغذائية بشكل كبير.
ويتحكم الاحتلال الصهيوني في حركة البضائع والشاحنات عبر المعابر الحدودية للقطاع، لا سيما بعد سيطرته على معبر رفح الحدودي في شهر ماي الماضي، علاوة على إدخال كميات محدودة من الشاحنات لا تتجاوز في المعدل المتوسط 50 شاحنة يومياً.
وحذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في تقرير صدر مؤخرا، من أن المخابز التي تعد شريان حياة لمئات آلاف الفلسطينيين الجوعى أو المتضورين جوعا في غزة على وشك الإغلاق، إن لم تكن قد أغلقت بالفعل، بسبب نقص الدقيق والوقود. وانعكس الحصار ومنع دخول الغذاء إلى القطاع بالسلب على معدل غلاء المعيشة نظراً إلى زيادة الطلب وقلة العرض في الأسواق المحلية ولجوء الفلسطينيين في القطاع لشراء المواد بأضعاف أسعارها التقليدية.
غلاء المعيشة ارتفـع بنسبــة 490%
في المقابل، ورغم المحاولات التي تقوم بها الجهات الحكومية لضبط الأسعار والأسواق، إلا أنها لم تفلح في كسر حدة الغلاء، ما انعكس بالسلب على صعيد انعدام الأمن الغذاء لنحو مليوني نازح يعيشون على مساحة 35 كيلومتراً مربعاً من إجمالي مساحة القطاع البالغة 365 كيلومتر مربع. وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإنه بعد مضي 15 شهراً من العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة، ارتفع مؤشر غلاء المعيشة هناك بشكل حاد بلغت نسبته 490%.
وبلغت معدلات الفقر 90% فيما ارتفعت معدلات انعدام الأمن الغذائي لذات النسبة، في وقت تعطل فيه معظم سكان القطاع عن العمل نظراً إلى حالة الشلل التي أصابت مختلف المنشآت، لا سيما القطاع الخاص، بالإضافة إلى العاملين بنظام المياومة.
وبحسب تقرير للبنك الدولي، فإن جميع السكان يعانون من الفقر بنسب متفاوتة، في الوقت الذي انخفض فيه الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للأراضي الفلسطينية 35% في الربع الأول 2024، وهو “الأكبر على الإطلاق”، وفق التقرير.
وذكر تقرير البنك الدولي أن اقتصاد غزة انكمش خلال الفترة من السابع من أكتوبر 2023 وحتى سبتمبر الماضي بنسبة 86%، وهو معدل قياسي مقارنة مع نسبة الانكماش التي شهدتها الضفة الغربية بنسبة 25% فقط.
الجـوع يمـسّ الجميــع
في الأثناء، يقول رئيس شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا إن حالة الارتفاع في معدلات الغلاء تعكس حالة المجاعة التي يعيشها الشعب الفلسطيني والتي انتشرت في غالبية المناطق، لا سيما في منطقة شمالي القطاع. ووفقاً الشوا، فإن ما يدخل إلى القطاع لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية في ظل عدم توفر مواد تغطي الاحتياجات، حيث بلغ معدل الفرد من الخبز رغيفاً واحداً فقط في اليوم، وهو مؤشر خطير على الواقع الغذائي.
ويعاني أكثر من 1.8 مليون فلسطيني في غزة من مستويات “حرجة للغاية” من الجوع، حيث جرى تدمير 70% من الأراضي الزراعية وتدمير سبل العيش خلال الهجوم العسكري الصهيوني، وفقًا لتقييم أمني غذائي مدعوم من الأمم المتحدة صدر في شهر أكتوبر الماضي.