عبّرت الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الاحتلال المغربي، عن استنكارها للجرائم التي يقترفها هذا الأخير في حق الصحراويين العزل بالمدن المحتلة، مطالبة مجلس الأمن الدولي بإلزام المغرب باحترام الشرعية الدولية.
نقلت وكالة الأنباء الصحراوية، عن بيان للجمعية ندّدت فيه باستمرار سلطات الاحتلال المغربي في قمع ومصادرة حقوق وحريات الصحراويين، معربة عن تضامنها الكامل واللامشروط مع كل الضحايا ومع عائلاتهم.
وأمام هذا الوضع، طالبت الجمعية بـ “توسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية والتقرير عنها”، كما دعت منظمة الصليب الأحمر الدولي إلى “التدخل من أجل الإفراج الفوري عن كافة الأسرى المدنيين الصحراويين بالسجون المغربية”.
وطالب البيان، منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بـ “إلزام دولة الاحتلال المغربي باحترام الشرعية الدولية، والعمل على تمتيع الشعب الصحراوي بحقه غير القابل للتصرف في الحرية والاستقلال”، مؤكدا على “ضرورة الضغط على الدولة المغربية قصد الوفاء بالتزاماتها الدولية خاصة في الجانب الحقوقي”.
معتقلــون يعانون
بالموازاة مع ما كشفته الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الحقوقية المغربية، أسدلت رابطة حماية السجناء الصحراويين بالسجون المغربية، من جهتها، الستار عن الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها المعتقلون الصحراويون في سجون الاحتلال، ونقلت إفادة عن أسرة الأسير المدني الصحراوي ضمن مجموعة “أگديم إزيك”، ابراهيم ددي اسماعيلي، المتواجد بالسجن المحلي “أيت ملول 2” في ضواحي مدينة أكادير المغرب حول الظروف الحبسية المتدهورة وما يعانيه من أمراض.
وقد أفادت أسرة الأسير الصحراوي بأن وضعه الصحي قد تنتج عنه تبعات غير محمودة العواقب، خاصة وهو يعاني من عدة أمراض ناتجة عن سنوات الاعتقال التعسفي التي لم يتلق على إثرها العلاج والدواء اللازمين.
للتذكير، يتواجد الأسير ضمن مجموعة أگديم إزيك ابراهيم ددي اسماعيلي بالسجن المحلي أيت ملول 2 بموجب حكم جائر تصل مدته للسجن مدى الحياة، كان ذلك خلال محاكمة ظالمة وصورية بشهادة منظمات دولية وازنة تعنى بحقوق الإنسان، وعلى رأسها منظمة العفو الدولية وهيومن رايس ووتش، والتي جرت أطوارها بمدينة سلا المغرب على خلفية التفكيك الهمجي لمخيم النازحين الصحراويين بمنطقة أگديم إزيك.
كـلّ أشكـال التّعذيـب
في السّياق، قدم سجين الرأي الصحراوي السابق ونائب رئيس تجمع المدافعين الصّحراويّين عن حقوق الإنسان “كوديسا”، الديش الداف، شهادة صادمة، وثق فيها ما تعرض له من تعذيب وحشي خلال اختطافه وتواجده في سجون الاحتلال المغربي، على خلفية نضاله المستميت من أجل حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
وفي بيان يصف تفاصيل تعرضه للاختطاف ولاعتداءات جسدية بما فيها أفعال مخلة بالحياء، ويؤكّد فيه استمراره في النضال من أجل حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، استهل الديش الداف شهادته عن الفظاعات والمعاملة الوحشية التي عاشها في سجون الاحتلال المغربي، بالقول أن “قوة تابعة للاحتلال، مدججة بالأسلحة وعناصرها مقنعة ومعروفة في الوسط الصحراوي بتسمية “فرق الموت زوار الليل” هاجمت منزله، منتصف ليلة 2 ديسمبر 2010”.
وأوضح أنه تعرض للاستنطاق، ليتم بعدها اقتياده بالأصفاد وهو معصوب العينين إلى سيارة حملته إلى وجهة مجهولة تحت وابل من السب والشتم والضرب والتهديد، ثم تمّ إنزاله بعنف من السيارة لتبدأ “رحلة العذاب” تحت كم من الأسئلة المتوالية لا سيما عن علاقته بـ “مخيم اكديم ازيك” وبوزارة الأرض المحتلة للدولة الصحراوية.
اعتداء جنسي
وأكّد ذات المتحدث، أنّه خلال الاستنطاق “تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي بطرق مختلفة وبشعة”، كما تعرض لاعتداءات جسدية بما فيها أفعال مخلة بالحياء.
وعن ما خالجه من شعور حينها، قال الداف: “في تلك اللحظة شعرت بالإذلال والانكسار وفقدان الكرامة..كنت أصرخ صراخا يهز الجبل جراء الألم”، مشيرا إلى أنه سمع أحدهم يأمر بتشغيل محركات السيارات بالمرآب، وهو يقول له “إن صراخك لن يسمعه أحد بعد الآن فلتستمر في الصراخ”. ولخص معاناته بالقول: “كنت أتمنى الموت حينها لأتخلص من هؤلاء الوحوش الآدمية”.
واسترسل المعتقل السياسي الصحراوي في شهادته قائلا: “بعد كل هذا التعذيب، واصل الجلادون ضربي وأنا مغمي عليا وغارق في دمائي”، مبرزا أنه فقد حاسة السمع بإحدى أذنيه بعد توجيه أحد الجلادين ضربة له بآلة حديدية.
ومع تدهور حالته الصحية - يضيف - تم نقله إلى مكان آخر، خوفا من فقدانه الحياة، لأن التعليمات تؤكد على أنه يجب أن يبقى حيا، ليتم وضعه بعدها في زنزانة صغيرة مساحتها لا تتعدى 3 أمتار على 3 أمتار، تضم معتقلين سابقين تعرضوا للتعذيب، ليتم إجبارهم على التوقيع على محاضر معدة مسبقا، وهم مكبّلون لا يعرفون ما كتب فيها.
وحسب شهادة الديش الداف، بعد أيام من العذاب، تم نقله والمعتقلون الآخرون بواسطة طائرة عسكرية إلى المطار العسكري بمدينة القنيطرة (المغرب)، حيث تم وضع كل معتقل في سيارة سوداء لوحده، ونقلهم إلى المحكمة العسكرية بالرباط، وبعدها إلى السجن المركزي بسلا/2 ووضعهم في زنازين انفرادية لمدة 4 أشهر.
وأكد الداف أنه لم يستطع الصمود داخل الزنزانة، نظرا لوضعه الصحي الذي ازداد تدهورا، ليتم وضعه مع معتقلين سياسيين صحراويين آخرين من بينهم شهيد مجموعة “أكديم إزيك” محمد الأيوبي، الذي كان يعاني من كسر على مستوى الكتف.
وفي ختام شهادته، ناشد السجين الصحراوي السابق كل الضمائر الحية والمنظمات الحقوقية والإنسانية في العالم من أجل كشف الحقيقة كاملة بخصوص ما تعرض له ورفاقه من مجموعة “أكديم ازيك”، خلال الاختطاف والسجن والمحاكمة من جرائم فظيعة، ومحاسبة المسؤولين عنها ومعاقبتهم.
كما طالب بتحرير كافة السجناء السياسيين الصحراويين بالسجون المغربية.