تطرّق تقرير حقوقي إلى حجم الدمار الكبير الذي لحق بقطاع غزة، جراء الغارات العنيفة التي تنفذها قوات الاحتلال الصهيوني منذ أن بدأت حرب ضد القطاع. وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن تدمير الاحتلال لمدن وأحياء فلسطينية بأكملها في القطاع، يعد تجسيدًا واضحًا لجريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الغاصب، وأداة رئيسة لتنفيذها.
أشار تقرير جديد إلى أنّ هذه الجريمة لم تقتصر على قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وتدمير حياة مليوني شخص بشكل تدريجي عبر القضاء على مقومات نجاتهم الأساسية فحسب، بل امتدت لتشمل “إبادة المدن الفلسطينية بالكامل” بنسيجها المعماري والحضاري.
كلّ شيء تحـوّل إلى ركــام
وأوضح أن ذلك التدمير اشتمل على “تدمير للهوية الوطنية والثقافية للفلسطينيين، واستئصال وجودهم من أراضيهم، وفرض التهجير القسري الدائم عليهم، ومنع عودتهم، وتفكيك مجتمعاتهم، وطمس ذاكرتهم الجمعيّة، في محاولة منهجية للقضاء على وجودهم المادي والإنساني وتدمير ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم”.
وأشار إلى أنّ المعلومات التي وثقها فريقه الميداني، إلى جانب البيانات التي حصل عليها من عائلات هجرت قسرًا من شمال قطاع غزة، أظهرت أن جيش الاحتلال “ينتهج بشكل واسع منذ هجومه البري الثالث في المنطقة منذ 5 أكتوبر الماضي، عمليات محو شامل وتدمير كامل للمنازل والأحياء السكنية والبنى التحتية”، لافتة إلى أنه يستخدم النسف من خلال روبوتات وبراميل مفخخة، والقصف الجوي بالقنابل والصواريخ المدمرة، وزراعة المتفجرات والنسف عن بعد، والتجريف بالجرافات العسكرية والمدنية الصهيونية.
وقال الأورومتوسطي إنّه تابع مجموعة من مقاطع الفيديو والصور التي نشرها عساكر صهاينة ومنصات إعلامية للاحتلال وأخضعها للتدقيق، وتحقّق فعلًا من حجم الدمار الهائل الذي ألحقه جيش الاحتلال الصهيوني بشمال قطاع غزة، إذ أظهرت مقاطع تصوير جوية ممتدة مخيم جباليا مدمرًا بالكامل، حيث بات كل ما فيه عبارة عن أكوام من الركام وشوارع مدمرة بالكامل.
مسـح مدن من الوجـود
وأوضح أنّ منهجية التدمير الشامل لأحياء وبلدات كاملة لم تقتصر على شمال قطاع غزة، بل طالت أغلب مناطق قطاع غزة، مبينًا أن المعطيات الأولية التي أمكن الحصول عليها من رفح جنوبي القطاع من خلال إفادات من سكان في المنطقة وصور للأقمار الصناعية ومقاطع فيديو نشرها جنود صهاينة تظهر أن المحافظة تم محوها بصورة شبه تامة، إضافة إلى مسح الاحتلال أحياء مدينة خان يونس جنوبي القطاع بالكامل، وكذلك العديد من المربعات السكنية في حيي الشجاعية والزيتون جنوب غزة وشرقها، وكذلك المنطقة الواقعة على امتداد “محور نتساريم”، ما يجعل من شبه المستحيل عودة الفلسطينيين للعيش في تلك المناطق.