كشف “مؤشر حقوق العمال العالمي” لعام 2024، الصادر عن الاتحاد الدولي لنقابات العمال، عن استمرار تصنيف المغرب عند الفئة الثالثة، مما يعكس انتهاكات منتظمة لحقوق العمال.
يعني التصنيف أن التدخل الحكومي أو من قبل الشركات في الحقوق العمالية شائع، مع وجود أوجه قصور قانونية أو ممارسات تجعل الانتهاكات أمرًا معتادًا.
لا يُسمح للقضاة في المغرب بتشكيل أو الانضمام إلى نقابة، ما يمثّل قيودًا صارخة على حرية التنظيم التي تعتبر حقًا أساسيًا في القانون الدولي. كما تواجه النقابات العمالية في البلاد صعوبات كبيرة في تسجيلها القانوني، الأمر الذي يضعف قدرتها على العمل بحرية وفعالية في الدفاع عن مصالح العمال، حسب ما ذكره التقرير.
وأفاد التقرير أنّ الانتهاكات في المغرب تمس حق الإضراب، وحرمان العمال من الحق في تشكيل أو الانضمام إلى النقابات. كما سجّل فرض قيود على وصول العمال المغاربية إلى العدالة، وهو ما يبرز تراجعًا واسع النطاق في الحريات الأساسية المرتبطة بالعمل.
ولم يسجّل المغرب أي تحسن في تصنيفه مقارنة بالعام الماضي، مما يعكس استمرارية التحديات المرتبطة بالحريات النقابية والحقوق العمالية. وتظل هذه القضايا محور قلق رئيسي بالنسبة للاتحاد الدولي لنقابات العمال، الذي يؤكّد أن النضال من أجل حقوق العمال هو جزء لا يتجزأ من تعزيز سيادة القانون وضمان مستقبل أكثر عدالة واستدامة.
وفي السياق، دعا الاتحاد الدولي لنقابات العمال إلى تعزيز الديمقراطية في أماكن العمل، مؤكّدًا أن حقوق العمال والديمقراطية مترابطتان بشكل لا يمكن فصله، حيث يأتي هذا التقرير كتحذير واضح للحكومات حول العالم بضرورة العمل على إصلاح التشريعات، وضمان حقوق العمال كجزء أساسي من حماية الديمقراطية.
قطاع الفلاحة ينتفض
من ناحية ثانية، تجدّدت احتجاجات العمال المزارعين بإقليم اشتوكة آيت باها بالمغرب بخوض إضراب لثلاثة أيام بداية من يوم أمس الاثنين، تنديدا بأوضاع العمل اللاّإنسانية والمطالبة بتحسين الأجور بالقدر الذي يضمن كرامتهم ويتماشى مع الغلاء الفاحش، ووقف انتهاك حقوقهم من طرف كبار الفلاحين والمصدرين.
وقالت “لجنة دعم حراك العمال والعاملات بالقطاع الزراعي باشتوكة أيت باها” التي تضم عددا من الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية، أنّ استمرار الحراك السلمي لعمال وعاملات القطاع الزراعي بالإقليم، والدعوة إلى تنفيذ إضراب عن العمل للمرة الثانية يأتي من أجل “تلبية مطالب مادية واجتماعية وتحسين ظروف العمل”.
القمع للردّ على مطالب المزارعين
وانتقدت اللجنة، في بيان، مماطلة الحكومة وعدم جديتها في التعاطي الإيجابي مع المطالب المشروعة للعمال والعاملات وغياب أية حلول ملموسة، محذّرة من “أساليب التضييق والتخويف التي أصبحوا يتعرضون لها، في ظل تغليب المقاربة الأمنية القمعية كأسلوب وحيد للاستجابة للمطالب”.
وأعلنت ذات اللّجنة مساندتها للعمال ودعم مختلف النضالات والاحتجاجات المشروعة التي يخوضونها، محمّلة مسؤولية الاحتقان الاجتماعي وتصاعد النضالات والاحتجاجات لـ “حكومة الباترونا” ومحذّرة من عواقب التماطل، وعدم الجدية في الاستجابة للمطالب ومعالجة المشاكل “بما يضمن كرامة العمال والعاملات وتنمية حقيقية للإقليم”.
ودعت اللجنة إلى فتح حوار “حقيقي تحضره كل الأطراف المعنية بالملف بهدف إيجاد حلول ملموسة لمختلف المطالب والمشاكل التي يعرفها القطاع الزراعي في شقه المتعلق بقضايا تشغيل العمال”.
كما استنكرت “أساليب العبودية والإقصاء والتضييق” التي يتعرض لها بعض العمال انتقاما لاحتجاجاتهم الأخيرة، مطالبة السلطات بالتدخل لمنع أساليب “السمسرة والوساطة المستشرية في القطاع”.
ظروف عمل أشبه بالعبودية
وكانت جمعية “أطاك المغرب” قد سلّطت، في تقرير حديث، الضوء على وضعية العمال الزراعيين، واصفة ظروف عملهم في المزارع بـ “أشبه بالعبودية”.
وكشف التقرير عن ظروف صعبة يعيشها هؤلاء العمال من “تدنّي الأجور وغياب التغطية الصحية وارتفاع عدد ساعات العمل، فضلا عن غياب المرافق الأساسية، بالإضافة إلى ظروف التنقل السيئة التي تشكل خطرا على حياتهم”.
وأوضح ذات التقرير أنّ “أغلب العمال يشتغلون في ظروف غير إنسانية، حيث لا يحصلون على حقوقهم الأساسية ويتم حرمانهم من بعض الامتيازات كمنحة الأقدمية والتغطية الصحية والتقاعد”، مشيرا الى “معطيات خطيرة تظهر تعرض العاملات الزراعيات للتحرش في أماكن العمل، فضلا عن غياب أي احترام لمعايير الصحة والسلامة المتفق عليها قانونيا”.
وفي خطوة تشجب تدهور الأوضاع التي يعيشها العمال الزراعيين في المزارع الفلاحية بالإقليم، خرج العمال والعاملات الأسبوع الماضي للاحتجاج، مطالبين بتحسين أجورهم وظروف عملهم ورفع الحيف والتهميش الذي يطالهم.
عمّال بلا أجور ولا حماية
في السياق، يواصل 72 عاملا من عمال منجم الدرع الأصفر الذي تستغله شركة “مناجم” التابعة للهولدينغ الملكي اعتصامهم، للمطالبة بتمتيعهم بحقوقهم، وعلى رأسها صرف أجزاء من أجورهم المتوقفة منذ شهر جوان الماضي، وتسوية وضعيتهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتراجع عن تسريح عدد منهم.
وراسل فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش المدير العام لمجموعة “مناجم”، لمطالبته بضمان حقوق العمال بمنجم الدرع الأصفر وكدية عيشة، الذين يعانون وعائلاتهم من أوضاع اجتماعية متدهور، نتيجة تسريحهم من طرف شركة “طوب فوراج” العاملة لفائدة شركة المجموعة المنجمية “مناجم” بموجب عقود المناولة.