اختتم أوّل أمس الملتقى الدولي حول الوضع القانوني للصحراء الغربية وقضية الثروات الطبيعية، وذلك بعد يومين من العروض والمحاضرات من قبل قضاة ومحامين ومدّعين عامين وخبراء قانون.
تداول على مدار يومين بولاية آوسرد فقهاء قانون وأكاديميون من مختلف البلدان، الوضع القانوني للصحراء الغربية والعواقب الإنسانية المترتبة على الاستغلال اللاشرعي لمواردها الطبيعية، التي تتعرّض للنهب من قبل الاحتلال وزبانيته من لصوص الثروات.
كما تناول هذا الملتقى، وهو الأول من نوعه الذي يقام في مخيمات اللاجئين الصحراويين، الأحكام التاريخية التي أصدرتها مؤخرًا محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي.
وفي السياق، قدّم رئيس الهيئة الصحراوية للبترول والمعادن، السيد غالي الزبير، مداخلة عن طريق الفيديو تطرّق فيها الى الثروات الطبيعية الصحراوية والنهب الممنهج من قبل المغرب دولة الاحتلال، في الوقت الذي يعيش فيه الشعب الصحراوي على المساعدات ويحرم الجزء الآخر منه تحت الاحتلال من خيرات بلاده. وأبرز غالي أيضا الأهمية الاقتصادية والموقع الجغرافي للصحراء الغربية.
كما تطرّق المشاركون في الملتقى، إلى الأحكام التي أصدرتها محكمة العدل الأوروبية في الرابع من أكتوبر الماضي، وتدارسوا آفاق المعركة القانونية التي تخوضها البوليساريو من أجل الاستقلال الوطني والحفاظ على مقدّراتها.
كما تطرّقوا لدخول القضية الصحراوية مرحلة جديدة تتطلب من الشعب الصحراوي والمتضامنين معه الوعي بأهمية خوض المعركة القانونية، برؤية واضحة وخارطة طريق متكاملة باعتبارها الخطوة التي ستُجهض المرحلة الاستراتيجية الثالثة والأكثر خطورة للاحتلال، ألا وهي الاحتلال الاقتصادي للصحراء الغربية.
قرار المحكمة أربك حلفاء المغرب
في السياق، أكّد الدكتور إسماعيل خلف الله، محامي وأستاذ القانون والعلاقات الدولية أنّ قرار المحكمة الأوروبية أربك حلفاء المغرب. وقال الأستاذ خلف الله على هامش مشاركته في الملتقى الدولي حول الوضع القانوني للصحراء الغربية وقضية الثروات: “إذا رجعنا إلى قرارات المحكمة الأوروبية بشأن إلغائها الاتفاقيات التي يبرمها المغرب مع الاتحاد الأوروبي والتي تشمل الصحراء الغربية، فإنّنا نجد أن العديد من الدول الأوروبية ظلّت تتبع طرقا للتحايل على هذه القرارات، حتى أنّ ممثلي مفوضية الاتحاد الأوروبي ذهبت الى الطعن في القرار الذي نطقت به المحكمة سنة 2021، لكن المحكمة في تأكيدها في القرار الأخير في الرابع من أكتوبر 2024، أكدت وبشكل نهائي بطلان تلك الاتفاقيات”.
وأوضح أستاذ القانون أن المحكمة ألغت تلك الاتفاقيات لأنه لم تكن هناك استشارة للشعب الصحراوي، الذي يبقى هو صاحب هذه الثروات ولا يمكن تجاوزه.
كما أبرز الأستاذ خلف الله أنّ المحكمة أعطت القيمة القانونية للقرار من خلال إعطاء الصفة لتمثيل الشعب الصحراوي، على أن جبهة البوليساريو هي الممثل الوحيد والشرعي للشعب الصحراوي، مردفا أن هذا انتصار لا يمكن تجاوزه، وفي نفس الوقت يكذب كل الادعاءات المغربية التي تحاول تشويه كفاح الشعب الصحراوي وممثله الشرعي جبهة البوليساريو.
وحول أسباب تمرّد فرنسا على قرار المحكمة وانحرافها عن روح الاتحاد الاوروبي ومؤسساته التي يفترض سمو القضاء فيها، قال المحامي وأستاذ القانون الدكتور إسماعيل خلف الله “إنّ زيارة ماكرون للمغرب كانت محاولة لإعطاء الانطباع أنّ القرار ليست له قيمة سياسية، وفي نفس الوقت طمأنة الطرف المغربي بأن فرنسا في تواصل دائم مع المغرب”.
وأضاف المحامي وأستاذ القانون، أنّ ماكرون حرص في زيارته للمغرب على اصطحاب ممثلين عن شركات فرنسية ليطمئن أن القرار الفرنسي سيكون داعما لهذه الشركات وللمغرب رغم قرار المحكمة الأوروبية.
وقال أستاذ القانون إنّ فرنسا تتشدق باحترام القانون، وبأن القضاء له سلطته وسيادته، ولكنها تتناقض مع ذاتها في ذهاب ماكرون الى الرباط لدعم المغرب ضد قرار أصدرته محكمة العدل الأوروبية يشكّل عدم احترامه وتطبيقه خرقا للقانون الدولي، وعدم احترام لأكبر مؤسسة قضائية أوروبية.
بدوره، قدّم الرئيس التنفيذي لمكتب المحامين للاتحاد الافريقي السيد “جونال ديا” محاضرة حول النظام الافريقي لحقوق الانسان والشعوب، الشعب الصحراوي مثالا، تطرّق فيها الى مؤسّسات الاتحاد الافريقي وآليات عمله.
وتحدّث المحاضر عن دعم الاتحاد الافريقي للدولة الصحراوية كعضو مؤسس وفعال، مؤكّدا أنّ المنتظم القاري أصدر العديد من القرارات لصالح القضية الصحراوية.
وشهد اختتام الملتقى وقفة لذوي ضحايا القصف الهمجي للمسيرات التابعة لجيش الاحتلال المغربي، رفعوا خلالها شعارات تجرم إسبانيا وفرنسا والمغرب، وتحملهم المسؤولية عن ارتكاب جرائم بشعة في حق الصحراويين الأبرياء باستعمال أسلحة فتاكة.