تولّت السلطات في النيجر الإشراف التشغيلي على الفرع المحلّي لشركة “أورانو” الفرنسية المتخصّصة في إنتاج اليورانيوم، في خطوة تعكس إصرار نيامي على إنهاء النفوذ الفرنسي. وأعلنت الشركة الفرنسية أنها فقدت السيطرة على منجم “سومير”، بعد ما أصبحت قرارات مجلس إدارتها غير مسموح بتنفيذها، وتم تعليق الإنتاج بأوامر مشدّدة من السلطات العليا للنيجر.
أشارت شركة “أورانو” الفرنسية، التي تمتلك أكثر من 60% من أسهم منجم “سومير”، إلى أن التدخلات الإدارية المتكررة أدت إلى تدهور الوضع المالي للمنجم الذي يُعتبر أحد المصادر الرئيسية لليورانيوم في النيجر، هذا البلد المساهم بنحو 4% من الإنتاج العالمي لهذه المادة الحيوية للطاقة النووية.
وفي 23 أكتوبر الماضي، أعلنت “أورانو “ أن فرعها في نيامي سيعلق إنتاجه لعدم قدرته على مواصلة العمل منذ مجيء المجلس العسكري إثر انقلاب جويلية 2023.
وقد تزايدت شكاوي شركة “أورانو” من أن أنشطتها تتراجع بسبب الضغوط التي تواجهها من طرف سلطات نيامي والتي تتزامن مع موقف سياسي وشعبي رافض للوجود الفرنسي ليس في النيجر فقط بل وفي الدول المجاورة بما فيها مالي وبوركينا فاسو وتشاد. وتشهد العلاقات بين النيجر وفرنسا توترًا شديدًا منذ الإطاحة بالرئيس محمد بازوم في جويلية 2023.
وقد انعكست هذه التوترات على الشركات الفرنسية العاملة في النيجر، أبرزها شركة “أورانو”، كما طالت أيضًا المجالين الدبلوماسي والعسكري.
وفي خطوة تعكس هذا التدهور، سحبت سلطات النيجر في نوفمبر 2023 ترخيص عمل منظمة “أكتد” الإنسانية الفرنسية، التي تنشط على أراضيها منذ 2009، كما شمل الإجراء منظمة أخرى غير حكومية هي “آيه بي بي إي”.
معلوم أن القرارات التي تتخذها نيامي ضد الشركات الفرنسية، تأتي بعد قرار دولة النيجر إنهاء الوجود العسكري الفرنسي على أراضيها.
وفي سبتمبر 2023، أعلن الرئيس الفرنسي سحب 1500 عسكري فرنسي من النيجر، وهو ما تحقق فعلياً في ديسمبر من العام نفسه، وسط ترحيب شعبي واسع وإصرار على إعادة ترتيب علاقات دولة النيجر الخارجية بما يخدم مصالحها الوطنية السيادية.
ولفتت تقارير إلى أن السفارة الفرنسية توقفت عن تقديم جميع الخدمات القنصلية في نيامي ويتعين على مواطني النيجر التقدم إلى القنصلية الإسبانية للحصول على تأشيرات شنغن. ويضطر الفرنسيون إلى اتباع الإجراءات الإدارية عبر الإنترنت أو التوّجه إلى السفارات الموجودة في الدول الإفريقية المجاورة.
وإلى جانب القيود المذكورة، أُغلقت المدرسة الفرنسية في نيامي، وانسحبت فرنسا من الإدارة المشتركة للمعهد الفرنسي في النيجر، الذي كان يمثل “القوة الناعمة” لباريس في البلاد. وتضيف التقارير أن معظم الفرنسيين الذين عاشوا في النيجر قبل وصول السلطة الجديدة إلى الحكم، والذين يبلغ عددهم حوالي 600، قد غادروا البلاد.
فـــرنســـــــــــا خــــــــــارج الساحـــــــــــل
هذا، ولا تعتبر دولة النيجر الوحيدة التي قرّرت إنهاء الوجود الفرنسي بكلّ أشكاله، فمثلها دول كثيرة رفعت البطاقة الحمراء في وجه باريس ودشنت منعطفا يرسم حقبة جديدة بالعلاقات الفرنسية الأفريقية.
فقبل أيام، أعلنت السنغال وتشاد، بشكل متتالٍ، رغبتهما في خفض تعاونهما العسكري مع فرنسا، في خطوة تأتي في سياق تراجع إجمالي متواصل للجيش الفرنسي في غرب أفريقيا ووسطها.وقبل أن تطلب السنغال من فرنسا إغلاق قواعدها العسكرية، وتعلن تشاد إلغاء اتفاقيات التعاون الدفاعي مع باريس، كانت 4 مستعمرات سابقة قد طلبت خروج الجيش الفرنسي بعد وجود مديد.
أولى هذه المستعمرات السابقة، هي النيجر التي سحبت قواتها في سبتمبر 2023 وسط ترحيب كبير لآلاف النيجيريين.
ثم جاء الدور على مالي، فبعد بعد أكثر من تسعة أعوام على الترحيب بـ«المخلّصين” في مواجهة التنظيمات الإرهابية، أنجز العسكريون الفرنسيون البالغ عددهم نحو 2400، انسحابهم في 15 أوت 2022، في خطوة كان يصعب تفاديها في ظل تدهور العلاقات مع المجلس العسكري الحاكم والرفض المتنامي لدى الرأي العام المالي.
بعيد الانسحاب من مالي، غادر آخر 47 عسكريا فرنسيا جمهورية أفريقيا الوسطى في 15 ديسمبر 2022. هذا، وفي جانفي 2023، طلبت بوركينا فاسو مغادرة القوات الفرنسية المنتشرة على أراضيها خلال شهر.