ينتظر أكثر من 10 آلاف جريح ومريض في قطاع غزة السفر للعلاج خارج القطاع منذ سيطرة جيش الاحتلال الصهيوني على معبر رفح البري وإغلاقه في السابع من ماي الماضي، وهؤلاء هم الحالات التي أخبرهم الأطباء أنه لا إمكانية لحصولهم على الرعاية اللازمة في المراكز الصحية بالقطاع في ظل ظروف العدوان القائمة.
وتبرز المعاناة الأصعب بين الفلسطينيين الذين تعرضوا لبتر أطرافهم، سواء تسبب القصف الصهيوني في البتر مباشرةً، أو اضطر الأطباء إلى بتر أعضاء تضررت من جراء القصف حتى ينقذوا حياة المصاب، والكثير من هؤلاء مهددون حالياً لعدم توافر الرعاية الطبية اللازمة لحالاتهم.
4 آلاف طفـل فقدوا أطرافهــم
وتقدَّر أعداد حالات بتر الأطراف بقرابة 11 ألف حالة في مختلف مناطق قطاع غزة منذ بداية العدوان الصهيوني، ويتجاوز عدد الأطفال الذين بترت أطرافهم 4 آلاف طفل. وقد أجرى الأطباء عملية بتر ليد الطفل محمد أبو شاويش (10 سنوات)، وهو من ضمن مئات الأطفال الذين بترت أطرافهم خلال الشهرين الأخيرين بعد ارتفاع عدد المصابين من الأطفال، في ظل تكثيف القصف الصهيوني على مدارس الإيواء ومناطق تجمع النازحين، ويضطر الأطباء إلى بتر أطراف تضررت في القصف لإنقاذ حياة المصاب.
تعرّض أبو شاويش لإصابة في كامل الذراع حتى منطقة الكتف، ووضع الأطباء له جبيرة كانت تغطي ذراعه كله، وكان يتلقى علاجاً مكثفاً داخل المستشفيات الميدانية التي يغطي بعض منها إصابات الأطفال، لكن نتيجة الحر الشديد، كانت الالتهابات تتزايد، ولم يستطع الأطباء فك الجبيرة عن يده خشية أن تمتد الالتهابات إلى بقية أجزاء الجسم، وحاولوا كثيراً علاج تلك الالتهابات، لكن الإمكانات كانت محدودة للغاية، ما دفعهم في النهاية إلى الاستسلام لقرار البتر.
كان الطفل أبو شاويش ممن يأملون الخروج للعلاج خارج قطاع غزة بعد سماح الاحتلال لعشرات الأطفال المصابين بمرض السرطان بالمغادرة للعلاج ضمن حالات استثنائية جاءت بناءً على ضغوط من مؤسسات حقوقية وإنسانية، لكن الانتظار طال كثيراً، وبات يهدد حياته.
يقول والده محمود أبو شاويش: «بتر أطراف طفل أصعب كثيراً من تعرّض شاب أو رجل للبتر، فجسد الطفل لا يتحمل كل هذه الآلام، وطفلي كان مثل كثير من الأطفال، يعتقد أنه لو بترت يده يمكنه أن يستبدلها بيد أخرى كحال الأسنان، وعندما اكتشف أن ذلك غير ممكن، بكى كثيراً، فقد كان يمارس لعبة الجمباز، وكانت متعته الوحيدة اللعب على شاطئ البحر». يضيف: «أصيب طفلي عندما قصف الاحتلال منزلاً كنا نقيم فيه بمدينة رفح في أفريل الماضي، ووصلنا إلى البتر بسبب نقص الأدوية والرعاية الطبية، علماً أنه حصل على موافقة للعلاج في تركيا في بداية ماي الماضي، لكن احتلال المعبر دمر كل خطط السفر.
العــلاج في الخـارج ممنـوع
بدورها، تعرضت قدم إيمان البدوي (35 سنة) للبتر في بداية جويلية الحالي، بعد أن فشل الأطباء في محاولات علاجها، وهي من ضمن الحالات التي تفاقمت آلامها نتيجة نقص العلاج، وكذلك عدم إمكانية العلاج في الخارج. وتعرضت إيمان للإصابة مرتين خلال العدوان، في المرة الأولى أصيبت في ساقها نتيجة قصف مباشر لشقة سكنية في حيّ النصر، في بداية نوفمبر الماضي، وفي المرة الثانية أصيبت في قصف على مخيم النصيرات في افريل، وكانت الإصابة في الساق نفسها، بعدها حصلت على نموذج للعلاج بالخارج نظراً للكسور والالتهابات وتفسخ العضلات العلوية بالساق، لكنها لم تتلق علاجاً مناسباً، ولا أي رد بشأن السفر للعلاج بالخارج، ومع تفاقم الآلام، أُجريَت عملية جراحية لها، بترت خلالها الساق بالكامل.
وتقول البدوي: « أنا المرأة الثالثة في العائلة التي تعرضت لبتر أطراف بعد الإصابة «.