بينما تصرّ حكومة «الاستقرار» الليبية الجديدة، برئاسة فتحي باشاغا، على دخول العاصمة طرابلس وتسلم السلطة، واصلت حكومة «الوحدة» الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة الترويج لإنجازاتها، في وقت تصاعدت فيه حالة الغضب بين حرس المنشآت النفطية بسبب تأخر الرواتب والعلاوات.
قالت مصادر مقربة من باشاغا، إنّ فريقه الذي يسعى لتسلم السلطة في أقرب وقت بالعاصمة، يسابق الزمن للتغلب على العوائق التي يمثلها وجود حكومة الدبيبة هناك.
ومع أن المصادر نفسها، التي طلبت عدم تعريفها، أكّدت التزام باشاغا بما سمته «دخولا سلميا وبلا دماء إلى طرابلس»، إلا أنها امتنعت عن الكشف عن فحوى الحلول التي قالت إنّه يجري تقييمها، قبل الإعلان عنها.
وعجزت حكومة باشاغا، حتى الآن عن دخول طرابلس، على الرغم من استلامها مقرات حكومية تابعة لحكومة الوحدة في جنوب وشرق البلاد، ما يثير مخاوف من احتمال اندلاع مواجهات مسلحة بين الميليشيات الموالية للطرفين.
بدورها، حرصت منصة «حكومتنا»، التابعة للدبيبة، على نشر ما وصفته بإنجازاتها في بعض المشروعات المحلية بعدّة مدن ليبية، كما بثت فيديو مصورا لأبرز نشاطات وقرارات الدبيبة خلال الأسبوع الماضي.
التّفاوض لحل المأزق السياسي
إلى ذلك، جدّد ريتشارد نورلاند، السفير والمبعوث الأميركي الخاص لدى ليبيا، دعوته للدبيبة وباشاغا بالتفاوض من أجل حل المأزق السياسي بينهما سلميا، وقال في تصريحات له إن «أكثر ما يقلقنا بشأن الصراع بين الدبيبة وباشاغا هو أنه حوّل بؤرة الاهتمام بعيدًا عما يريده الشعب الليبي، وهو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقت».
وأضاف نورلاند موضحا: «رغم تعهدهما (الدبيبة وباشاغا) بعدم استخدام القوة، لكن هناك دائما خطر نشوب صراع، يمكن أن يتحول إلى مأساة لليبيين وتصعيد للعنف».
واعتبر أن الفترة الراهنة «تُعد أسوأ وقت لتوقف إنتاج النفط في ليبيا»، في ظل إمكانية الاستفادة من ارتفاع الأسعار، مشيرا إلى العمل مع مجموعة العمل الاقتصادية لعملية برلين قصد اقتراح آلية لإدارة عائدات النفط.
الانتخابات هي الحل
في السياق، اعتبرت المستشارة الأممية، ستيفاني ويليامز، أنّ المضي قدما في الانتخابات هو أفضل طريقة للخروج من «الصراع الدائم في البلاد على الوصول إلى السلطة والموارد».
وقالت ويليامز إنّ الأمم المتحدة تركز على ضرورة أن «يكون هناك إجماع على أساس دستوري، ووضع إطار زمني ثابت» للانتخابات المزمع إجراؤها.
وبعدما رأت أن الليبيين العاديين «ليس لديهم شهية» للعودة إلى الصراع، أشارت ويليامز إلى أن ما وصفته بـ «القيد الحكيم» بين القادة المحليين هو الذي خفّف من حدة التوترات، التي شهدتها العاصمة طرابلس مؤخرا، بعدما حاولت قافلة مسلحة مرتبطة بباشاغا شق طريقها إلى المدينة.
وأضافت ويليامز قائلة: «يمكن الانتقال من حكومة مؤقتة إلى حكومة مؤقتة أخرى، لكن لا يمكن الهروب من حقيقة أنك بحاجة إلى نقل البلاد إلى الانتخابات»، مبرزة أن أي حكومة مؤقتة ستعاني من نقص معين في الشرعية، مكرّرة الحاجة لإجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن.
وكانت ويليامز قد أعلنت انتهاء اجتماعها التشاوري في تونس، مع وفد المجلس الأعلى للدولة المرشح للجنة المشتركة، التي تيّسر أعمالها الأمم المتحدة، بشأن وضع قاعدة دستورية متينة لتمكين إجراء انتخابات نزيهة وشاملة.
وأعربت ويليامز عن ثقتها من التحاق وفد مجلس النواب قريبا بالاجتماع، مشيرة في بيان لها إلى أن باب المفاوضات التي تيسرها الأمم المتحدة «مفتوح على الدوام»، وتعهّدت ببذل كل ما يمكن من أجل ليبيا.