أستاذ العلوم السياسية طارق رداف:

لن ترضى روسيا بغير تخلي أوكرانيا عن الانضمام إلى «الناتــو»

عزيز ب.

يرى أستاذ العلوم السياسية، طارق رداف، أن الحرب الأوكرانية هي محاولة روسية أولا لمنع التماس المباشر مع الحلف الأطلسي من جهة، وردع دول أخرى عن التوجه نحو المشاركة في ترتيبات أمنية وعسكرية، تعتبرها روسيا ذات طبيعة «معادية». وأضيف أن الحرب الأوكرانية هي تكرار لما وقع سنة 2008، حيث تراجعت جورجيا عن خيار الانضمام إلى الحلف، بعد مواجهة عسكرية محدودة مع روسيا.
 
أكد طارق رداف، أن ما يُمكن لروسيا اعتباره حلا وديا، والوحيد الذي يُمكنها قبوله ووفق القتال على أساسه، هو الإعلان الأوكراني بالتخلي نهائيا عن رغبتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، والمضي قدما نحو الدخول في المسار الطويل للانضمام للاتحاد الأوروبي، وهو ما ترفض أوكرانيا إلى حد الآن قبوله. خاصةً وان كييف تجاوزت الفترة الزمنية التقريبية المتوقعة لإعلان انهيارها أمام التدخل العسكري الروسي، وبالتالي فإن هذا الوضع قد يسمح لها بالاعتقاد بأنه بإمكانها فرض توجهاتها خلال المفاوضات الجارية.
 ويفترض هذا الوضع استمرار القتال لفترة زمنية أخرى قد تطول أو تقصر، بحسب ما تحصل عليه أوكرانيا من دعم عسكري وسياسي، وكذلك قدرة روسيا الفعلية على تجاوز آثار العقوبات المفروضة عليها بشكل متواصل.
 في السياق، أضاف أستاذ العلوم السياسية، أن العنصر الغائب عن التحليلات السياسية للحرب الأوكرانية، هو الخسائر البشرية التي سيتم تكبدها من طرف الأوكرانيين بشكل خاص، على اعتبار أن الحرب تدور داخل الأراضي الأوكرانية.
فحتى إعلان النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية، اعتزامه فتح تحقيق حول جرائم حرب محتملة، إلا أن ذلك قد يُخفف بشكل محسوس من معاناة المدنيين. ولا يقتصر هذا العامل مع ضحايا العمليات العسكرية فحسب، بل كذلك على طبيعة العلاقات بين مكونات المجتمع الأوكراني، الذي يضم كذلك أوكرانيين ناطقين باللغة الروسية، خاصة في الأقاليم الشرقية المحاذية لروسيا. وقد يحتاج هذا الضرر المحتمل على النسيج، لفترات زمنية طويلة بعد الحرب حتى يتمكن الأوكرانيون من معالجته.    
كما أوضح ذات المتحدث، أن الكثير من التحليلات تتحدث على أن روسيا قد تم استدراجها إلى فخ الحرب الأوكرانية، من أجل تحقيق سيناريوهات تتضمن إلحاق المزيد من الضرر بالقوة الروسية، وجعلها غير قادرة على مواجهة الغرب. غير أن هذا التصور يغفل التصور الأمني الروسي، والذي تأسس منذ 1991 أي مع الإستراتيجية الروسية للأمن القومي، والتي تعتبر أن حدود الاتحاد السوفياتي السابق هي بمثابة حدود أمنية لروسيا، ولا يجب السماح لحلف شمال الأطلسي بالاقتراب منها، وقد تجسد ذلك في الضمانات التي منحها الحلف لروسيا بعد توسيع العضوية نحو بعض دول شرق أوروبا.
ورغم أن روسيا كثيرا لم تتخذ خطوات مهمة نحو التوسيعات اللاحقة للحلف والاتحاد الأوروبي نحو حدودها، إلا أن تغير القيادة السياسية الروسية، والتحسن النسبي للوضع الاقتصادي، جعلها تعيد إلى الواجهة تصورها للأمن القومي، والذي يتضمن منع دول الرواق الروسي (بحسب تعبير برجنسكي) من الدخول في تحالفات إستراتيجية مع الغرب، سياسياً واقتصادياً وبالدرجة الأولى عسكرياً.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024