وضع وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل الباريس النقاط على الحروف، وحسم الأمر بخصوص موقف بلاده من القضية الصحراوية العادلة، حيث أكّد دعم إسبانيا الكامل لمساعي الأمم المتحدة للتوصل إلى حل للنزاع في الصحراء الغربية، مبديا الاستعداد لاتباع خطة التسوية الاممية في هذا الشأن، وقد رفعت هذه التصريحات من منسوب الغضب المغربي الذي تتهاطل عليه الصفعات من كلّ جهة بعدما أبدت كبرى الدول، والتي كان يعتقدها المخزن داعمة لموقفه الاستعماري في الصحراء الغربية، تمسّكها بالشرعية الدولية وبخطّة الحلّ الأممية لتصفية الاحتلال من آخر مستعمرة في القارة الإفريقية.
قال وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل الباريس قبل يومين أنّ بلاده «تسعى إلى حل للنزاع في الصحراء الغربية ضمن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة»، مشددا على أن إسبانيا «منخرطة بشكل كبير في حل هذا الصراع».
وأضاف قائلا «لا يمكننا تقديم الحل، فقد تم اختيار المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا للقيام بذلك. ما يمكنني أن أضمنه هو أنه يحظى بالدعم الكامل من إسبانيا، وأنّنا سنتبع الخطة التي وضعها».
وتابع «لقد التقيت في مناسبتين مع دي ميستورا، وأكّدت له أنّنا تحت تصرفه لأخذه إلى أي مكان يحتاج إليه من أجل تحقيق السّلام الذي تحتاجه المنطقة».
يجب دعم دي ميستورا
جدد التأكيد على أنّ موقف إسبانيا «يندرج ضمن قرارات مجلس الأمن، لكن إسبانيا وحدها لا تستطيع حل النزاع، نحن مع الأمم المتحدة، ونحن جزء من مجموعة أصدقاء الصحراء»، داعيا الجميع الى العمل لدعم دي ميستورا، ولكن قبل كل شيء «دعونا لا نحتفظ بمواقع ثابتة..المهم أن ننهي هذا الصراع».
في السياق، وبخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، والتي لم يتم تفويض الأمم المتحدة لمراقبتها، مع استمرار الاعتداءات على الناشطين الصحراويين في المناطق المحتلة في الصحراء الغربية، أوضح الوزير الاسباني أن «محتويات بعثات الأمم المتحدة لا تمليها إسبانيا، بل الأمم المتحدة هي من تمليها، وإسبانيا تتحمل مسؤوليتها بالكامل، والتزامها بمحاولة حل النزاع».
وقال «كنت أول وزير خارجية في العالم يلتقي بستافان دي ميستورا، إنّ قضايا حقوق الإنسان هي قضايا معقدة وصعبة للغاية على الدوام، وإن قدرة أكثر من دولة ثالثة على جعل الأشياء تتطور، أمر معقد للغاية».
وفي سياق انتهاكات الاحتلال المغربي لحقوق المواطنين الصحراويين ولاسيما الناشطين منهم، تطرق الباريس الى وضعية الناشطة الحقوقية سلطانة خيا، قائلا «سأتحدث عن وضع سلطانة خايا، لكن لا يمكنك خلق توقعات غير صحيحة، لأن حقوق الإنسان يمكن ضمانها في منطقتك، لكنها ليست في متناول اليد».
المغرب في وضع صعب
يبدو أنّ المغرب فشل فشلا ذريعا في استمالة إسبانيا إلى طرحه الاستعماري، وبعد مطالبته مدريد بمزيد من الوضوح فيما يتعلق بموقفها من الصحراء الغربية، جاءه الردّ صادما، فإسبانيا وبالرغم من مسؤوليتها التاريخية عن سقوط الإقليم الصحراوي تحت هيمنة المغرب، إلاّ أنّها أوضحت في الكثير من المناسبات بأنّ موقفها لن يتغيّر، وبأنها ملتزمة بحل سياسي للقضية الصحراوية مقبول للطرفين في إطار الأمم المتحدة.
وبالإضافة إلى ذلك، دافع رئيس الدبلوماسية الإسبانية، الذي استقبل في 21 جانفي مبعوث الأمم المتحدة الخاص الجديد للصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، عن الحاجة إلى «إيجاد حل لصراع استمر لعقود»، كما أشار خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، أن إسبانيا والولايات المتحدة على استعداد «لتوحيد الجهود».
والمغرب اعتقد أنه بعد الاعتراف المزعوم للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بمغربية الصحراء الغربية المحتلة في ديسمبر 2020 - وهو موقف لم تجاريه فيه إدارة جو بايدن - يريد دولًا أخرى أن تحذو حذوها، بما في ذلك إسبانيا، لكن هذه الأخيرة رفضت الانسياق وراء اعلان ترامب اللاشرعي، كما أنّها استقبلت الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي للعلاج رغم الجلبة التي أحدثها المخزن وإعلامه.
ووصلت الأزمة بين الرباط ومدريد إلى ذروتها في ماي الماضي عندما تدفّقت أمواج هائلة من المهاجرين المغاربة نحو مدينة سبتة.
وفي شد الحبل بين المغرب وإسبانيا، ظهرت أضرار أخرى في الأشهر الأخيرة، أولها إقامة مزرعة سمكية في المياه القريبة من الجزر الجعفرية، والتي قامت الحكومة الإسبانية بالفعل بنقل شكواها منها إلى المغرب، دون ردة فعل من الرباط.
كما وقّع المغرب أيضًا عقدًا مع شركة اسرائيلية للتنقيب عن النفط والغاز على الساحل الصحراوي بالقرب من الداخلة المحتلة، قبالة جزر الكناري.