حشر الدبلوماسية المغربية في زاوية ضيّقة

كاتب مغــربي: إعــلان ترامــب كـان مجـرّد خديعــة

جاء في مقال للكاتب المغربي د. تدمري عبد الوهاب تحت عنوان : «موقف دونالد ترامب من الصحراء الغربية  أو المأزق الذي حشرت فيه الدبلوماسية المغربية»، أن هناك مثل شعبي مغربي يقول «الطماع من سعد الكذاب»مدللا على ان هذا المثل الشعبي ينطبق على المغرب، الذي  كما قال جعل من الاعتراف المزعوم للرئيس الأمريكي الأسبق بمغربية الصحراء الغربية المحتلة، أساسا استندت إليه دبلوماسيته في تقييمها لعلاقاتها الدولية، وبالتالي «يمكن الجزم منذ الإعلان عنه، انه موقف مشكوك فيه سواء من حيث جديته، أو غاياته، أو من حيث موقع أمريكا كدولة تدعي حرصها على تطبيق الشرعية الأممية، بصفتها عضوا من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي، الذين عليهم واجب الحياد في القضايا المشابهة المعروضة عليه».

رهان خاطئ
وأضاف الكاتب أن «ارتهان المغرب لهذا الموقف والبناء عليه كانتصار استراتيجي محدد في العلاقات الخارجية المغربية، خاصة ان كل العوامل المحيطة بالاعتراف الأمريكي المزعوم  بمغربية الصحراء الغربية سواء من حيث السياقات الاقليمية والدولية التي جاء فيها، طغى عليها من جهة الاندفاع الأمريكي في مرحلة إدارة دونالد ترامب في سبيل إنجاح وإتمام مشروع صفقة القرن، القاضية بتصفية القضية الفلسطينية وتوسيع دائرة تطبيع العلاقات العربية والمغربية بإسرائيل.
معتبرا «أن ما يدعو للشك في الموقف الأمريكي منذ البداية هو تلك الصيغة المؤيدة و المنحازة كليا لسيادة المغرب على الصحراء الغربية المحتلة بما يتعارض والموقع الذي تحتله أمريكا على المسرح الدولي، الذي يقتضي منها الحياد في مثل هذه القضايا، وهو ما دفع بدوائر صنع القرار الأمريكي لاحقا الى الالتفاف عليه حفاظا على ما تعتبره هذه الدوائر مصداقية أمريكا في المؤسسات الاممية  ومجلس الأمن، التي تدعي حرصها عليه، إلى جانب باقي الاعضاء الدائمين فيه، وبالتالي فإن الاعتراف المزعوم للرئيس الأمريكي بمغربية الصحراء الغربية المحتلة، هو خروج بالنسبة لهذه الدوائر عن الحياد الذي يجب أن تلتزم به امريكا وباقي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن».
قرارات تعارض اعتراف ترامب
ان امريكا حاليا  يقول الكاتب «هي من تتشدّد في ملف الصحراء الغربية، ابتداء من عدم حث إسرائيل، التي دفعت بالمغرب للتطبيع معها،على الاعتراف بمغربية الصحراء الغربية، وانتهاء بتقرير الكونغرس الأخير المرفوع للرئيس الامريكي القاضي بعدم بيع الاسلحة للمغرب، وبعدم توسيع قاعدة المناورات العسكرية معه، بعد أن اشترطها بمدى احترام المغرب لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية، ومدى التقدم الذي يحرزه في الحل السياسي مع جبهة البوليساريو».
وبالتالي، «فإن المغرب بنهجه الانفعالي وغير المدروس في تدبير علاقاته الخارجية» يضيف الكاتب «وجد نفسه حاليا في موقع لا يحسد عليه سواء من حيث رهانه الخاسر على أمريكا التي تبين أنها لا تهتم سوى بمصالحها ولو كان ذلك على حساب اصدقائها أو من حيث ما أوحى به هذا الرهان الخاطئ من إحساس بالقوة  لدى دوائر صنع القرار السياسي في المغرب، دفع بهم إلى التخلي عن استراتيجية تعدد الشركات والانفتاح شرقا على قوى عالمية صاعدة بقوة  على المسرح الدولي التي تم اعتمادها في العقدين الماضيين». بالاضافة الى تبني سياسات متشدّدة في علاقات  المغرب مع جيرانه وشركائه التقليديين من الأوروبيين.
فشل دبلوماسي
ويخلص الكاتب المغربي الى القول: «أن الدبلوماسية  المغربية بما عبّرت عنه من حماسة تجاه الموقف الذي عبّر عنه الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، وبما تلاه من تطبيع مع الكيان الاسرائيلي الذي جعلت منه أساسا لإعادة بناء علاقاتها الدولية ودافعا للتشدّد في علاقاتها بشركائها التقليديين، أبانت عن غياب رؤية استراتيجية مدروسة لفهم التقلبات التي تشهدها العلاقات الدولية، وما يعتمرها من مصالح معقدة تتطلب تحديدا دقيقا لمفهوم الدولة  الحليفة أو الصديقة الموثوق فيها.
مقايضة المبادئ بوعود كاذبة
إن هذه التقلبات المفاجئة في السياسة الخارجية للمغرب هي من جعلته يراكم الكثير من المشاكل مع شركائه التقليديين،كما هو الشأن مؤخرا مع ألمانيا التي لم تبدل من موقفها الحيادي من ملف الصحراء الغربية، أو مع فرنسا التي عملت على حشر المغرب مؤخرا في الزاوية الضيقة بعد ان استضاف برلمانها في جلسة خاصة ممثلا عن جبهة البوليساريو، ومنحها حق اللجوء السياسي لمعارضين للنظام السياسي المغربي، أو على العودة إلى المبادرة  الصينية الحزام والطريق التي سبق للمغرب أن وافق عليها سنة 2017 دون أن يفعلها بعد انحيازه الكلي إلى جانب أمريكا وحليفتها إسرائيل التي بالرغم من تطبيع المغرب لعلاقاته معها، على حساب الحقوق المشروعة للشعب  الفلسطيني، لا زالت غير معترفة بمغربية الصحراء.
كل هذا يدفعنا للقول، ان موقف دونالد ترامب التكتيكي  من الصحراء الغربية بعثر كل أوراق القوة في  الدبلوماسية المغربية، ووضعها في مأزق لا تحسد عليه.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024