يرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور هشام دراجي، أن الدوافع الحقيقة التي أدت إلى حدوث انقلاب في بوركينافاسو والإطاحة برئيس البلاد، يعود بالدرجة الاولى الى هشاشة الدولة في الفترة الأخيرة وهو ما ادى بدوره الى الانفلات الامني خاصة على مستوى فقدان السيطرة على عدة أقاليم عريضة في البلاد لصالح الجماعات الإرهابية، بإضافة الى تنامي نوع من النزعة التمردية لدى وحدات القتالية في الميدان التابعة للجيش البوركينابي، وكذا فشل الرئيس روك مارك كريستيان كابوري بالوفاء بالتزاماته الانتخابية خاصة التي تعهد بها خلال استحقاقات 2020.
أكد الدكتور هشام دراجي، أن ما حدث يوم 24 جانفي الفارط في بوركينافاسو من انقلاب أطاح بالرئيس كريستيان كابوري، راجع لأسباب داخلية على غرار هشاشة الدولة ما ادى بدوره الى الانفلات الأمني خاصة على مستوى فقدان السيطرة على عدة أقاليم عريضة في البلاد لصالح الجماعات الإرهابية وأخرى خارجية وما تشهده مالي وغينيا وغيرها من دول الساحل وغرب افريقيا، لأكبر دليل على الصراع والتنافس الكبير المحصور بين روسيا وفرنسا، حيث القى هذا الصراع بظلاله على هذه المنطقة بل كان له الأثر الكبير في بروز مثل هذه الانقلابات.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية في اتصال مع «الشعب»، أن ما يحدث حاليا في بوركينافاسو ورغم ضبابية المشهد لحدّ الآن، الا انه يرجح ان يدخل في اطار تحولات أفريقية توظف المتغيرات الدولية بل هو مسألة تنافس دولي بين روسيا وفرنسا ترجم على ارض الواقع بانقلاب قاده خريج المدرسة العسكرية بباريس وحاصل على ماجيستر من فرنسا.
أوضح دراجي، أن فشل الرئيس روك مارك كريستيان كابوري ان صح التعبير بالوفاء بالتزاماته الانتخابية خاصة التي تعهد بها خلال استحقاقات 2020 وتطلعاته إلى التغيير، إلى الخير، إلى الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، إلى العيش والرخاء والازدهار الاقتصادي والاجتماعي للبلاد ولكن سرعان ما خابت تلك الآمال، وذبلت تلك الزهور في يد الرئيس الجديد، وما صب الزيت على النار، اشتعال البلاد و بلهيب الإرهاب الذي لم يكن معروفاً في حكم سلفه، فقد أكل الاخضر واليابس وراح ضحيته الآلاف من الأرواح من مدنيين وعسكريين وممتلكات، فقد بدا الرئيس أمام هذه الحرب منقطع السبل والوسائل، ووصل في حيله في التصدي للإرهاب إلى الطريق المسدود، فقد استبدل حكومة بأخرى ، ورئيس أركان الجيش برئيس، قاد جبهات القتال عدة مرات، ولكن دون جدوى، فقد تعاظم أمر الإرهابيين في كل مرة يدخل تغييرا في هرم السلطة والجيش، الأمر الذي أدى بالشعب إلى الإيمان بأن الرجل قد بذل كل ما يملك من حيلة ومخرج، وأنه لم يعد يملك أية ورقة في الوضع الأمني في البلاد، فخرجوا في مظاهرات متتالية منادية الرئيس إلى الاستقالة، وتسليم مقاليد الأمور إلى من يستطيع حماية الشعب من نار الإرهاب والارهابيين، مظاهرات كان آخرها تلك التي خرجت يوم السبت الماضي 21 جانفي، تزامناً مع تلك التي خرجت في كل أنحاء العالم، مطالبة برفع الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة على مالي من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. ويذكر أن بوركينا فاسو تتضرر من هذه العقوبات أكثر من مالي المفروضة عليها.