أكّد الكاتب المغربي، محمد بونوار، سوء الإستراتيجية المتبعة من قبل الدولة في توزيع الميزانية على مناطق المملكة، التي تعتمد على معيار «إنتاج الثروة» دون مراعاة الموقع الجغرافي، منبّها إلى انعدام أي مؤشر في الأفق لتصحيح هذا الأمر الذي ساهم في تعميق الفوارق المجالية بين الجهات، وفي تفقير وتهميش فئات من السكان.
قال الكاتب المغربي المقيم بألمانيا، أنّ «توزيع ميزانية الجهات بالمغرب يتم حسب الناتج الإجمالي الخام للجهات منذ عهد بعيد»، مذكّرا بأنّ «نفس النظام تقريبا تمّ استخدامه من طرف فرنسا أيام الاستعمار والذي قسم المغرب إلى قسمين: المغرب النافع والمغرب غير النافع».
وأكّد بونوار أنّ «الأوان قد حان لمراجعة هذا التوزيع الذي يعتمد على عامل إنتاج الثروة كمعيار دون مراعاة للموقع الجغرافي لكل جهة، ودون مراعاة الاحتياجات الأساسية للسكان، انطلاقا من التضاريس التي يتعايشون معها يوميا والتي بدورها تؤثر بشكل مباشر في الناتج الإجمالي الخام».
وأوضح الكاتب، أنّ «إنتاج الثروة، أو بالأحرى صناعة الثروة يحتاج إلى بنيات تحتية، مواصلات وموانئ وطرق وسكك حديدية ومعامل وشركات وتعاونيات ومنشآت، والاعتناء بقطاعات تتلاءم والتربة المجالية لتوفير فرص العمل والاستثمار»، لافتا إلى أنّه في «غياب هذه البنيات لا يمكن أبدا أن يتنشئ الثروة التي تعد المعيار المعتمد في توزيع الميزانيات على الجهات، وهو ما يؤكّد أنّ الجهات الهشة والفقيرة سوف تبقى فقيرة، في حين أن الجهات الغنية سوف تزيد غنى ورفاهية».
وقدّم الكاتب المغربي، صورة لوضع مزري يتخبّط فيه سكان جهات عديدة من المملكة، وخاصة في أعالي الجبال، حيث يعانون مع دخول فصل الشتاء من البرد القارص والثلوج التي تحاصرهم من كل جهة وتمنعهم من التحرك، وتدخلهم في دوامة الشرود الاجتماعي.
وفي ختام مقاله، أعرب الكاتب عن أمله في أن «يتم تدارك الهفوات التي تشوب نظام تقسيم الميزانيات على الجهات بعيدا عن اعتماد عامل انتاج الثروة، والاهتمام بالعنصر البشري الذي هو جوهر جميع الرهانات، إلى جانب تفعيل عملية التدبير والتبذير بمقومات جديدة وفعالة وناجعة».