مع سعي الأمم المتحدة لتسوية النزاع في الصحراء الغربية، على ضوء خرق المغرب لوقف إطلاق النار الموقع مع جبهة البوليسايو، ينظر مجلس الأمن الدولي لرؤية الاتحاد الإفريقي من أجل معالجة الوضع بعد إسهامه في ضمان خطة التسوية الموقعة منذ 1991.
يؤكد الاتحاد الافريقي في وثيقة رسمية على الدور التاريخي «للاتحاد الأفريقي» كضامن لخطة تسوية النزاع في الصحراء الغربية التي وقعها الطرفان في عام 1991 والتي أفضت إلى نشر بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية للإشراف على وقف إطلاق النار وتنظيم استفتاء لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية.
ويعرب الاتحاد الإفريقي بقلق بالغ بشأن استئناف المواجهة العسكرية بين المغرب والجمهورية الصحراوية، في انتهاك لاتفاقات وقف إطلاق النار، ولا سيما الاتفاق العسكري رقم 1؛ ويلاحظ بقلق أيضا التداعيات المقلقة لهذا النزاع على ثبات استقرار المنطقة والقارة. ويعرب عن بالغ الانشغال إزاء استمرار الجمود في العملية السياسية الجارية تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف التوصل إلى حل سياسي مقبول من الطرفين يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره.
تنشيط جهود التسوية
ولهذا يشدد على الحاجة الملحة إلى تنشيط الجهود الرامية إلى تيسير التوصل إلى حل نهائي للنزاع؛ طبقا للأحكام ذات الصلة من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، ولا سيما المادة 4 بشأن التسوية السلمية للنزاعات بين الدول الأعضاء والمادة 4 بشأن حظر استخدام القوة أو التهديد باستخدامها بين الدول الأعضاء في الاتحاد.
وتجسيدا لدوره، قرر الاتحاد الإفريقي في جلسة عقدها في 9 مارس 2021 على مستوى رؤساء الدول الأعضاء في مجلس السلم والأمن على أن تقوم اللجنة الثلاثية للاتحاد الأفريقي على سبيل الاستعجال بإحياء تواصلها مع المغرب والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بهدف التوصل إلى حل دائم للأزمة سلميا.
كما يحث على اضطلاع مجلس السلم والأمن بولايته بشأن النزاع في الصحراء الغربية، وفقا للأحكام ذات الصلة بالبروتوكول وقرارات الجمعية ذات الصلة، باستعراض الحالة في الصحراء الغربية بحسب الاقتضاء، على مستوى رؤساء الدول والحكومات، ويشمل ذلك تلقي إحاطات من اللجنة الثلاثية للاتحاد الأفريقي.
ويطلب الاتحاد من المغرب والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وقف الأعمال العدائية فورا والشروع في الحوار، وتهيئة بيئة مواتية لإجراء محادثات مباشرة وصريحة، دون أي شروط مسبقة، بما يتماشى مع المادة 4 من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي والأحكام ذات الصلة من بروتوكول مجلس السلم والأمن.
وضمن مقترحه لتسوية النزاع يطلب من مفوضية الاتحاد الإفريقي أن تتخذ على سبيل الاستعجال الخطوات اللازمة لإعادة فتح مكتب الاتحاد الأفريقي في العيون، بالصحراء الغربية، بغية تمكين الاتحاد الأفريقي من إعادة تنشيط دوره في البحث عن حل سياسي لهذا النزاع الطويل الأمد. على أن يقوم مجلس السلم والأمن بزيارة ميدانية إلى المنطقة في أقرب وقت ممكن للحصول على معلومات مباشرة عن الحالة.
وفي هذا السياق، طلب الأمين العام للأمم المتحدة من المستشار القانوني للأمم المتحدة أن يقدم رأيا قانونيا بشأن فتح قنصليات في إقليم الصحراء الغربية غير المتمتع بالحكم الذاتي. ويشجع المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي المعني بالصحراء الغربية على استئناف تواصله مع طرفي النزاع على سبيل الاستعجال دعماً للجهود التي تقودها الأمم المتحدة بغية إيجاد حل دائم في الصحراء الغربية، ويطلب إلى جميع الأطراف المعنية أن تتعاون تعاونا كاملا في هذا الصدد؛ ويطلب أيضا إلى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي تقديم الدعم اللازم إلى المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي المعني بالصحراء الغربية.
بشاعة الاحتلال
مع استمرار العدوان المغربي على المدنيين بالصحراء الغربية المحتلة، استذكر الصحراويين، مرور 11 سنة على الهجوم الوحشي للقوات المغربية على المخيم الاحتجاجي السلمي الصحراوي المعروف بمخيم «اكديم ازيك» شرق مدينة العيون المحتلة، الذي انتهج أرقى أساليب الاحتجاج عندما خيم خارج المدينة المحتلة المطوقة بجميع تشكيلات القمع المغربية، معبرا عن رفضه لسياسة الاحتلال.
وعادت الذكرى ليسترجع الذين عاشوا الحدث بشاعة الاحتلال، ويتذكر من تابعوه صورة الاحتلال المغربي البشعة الملطخة بدماء الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم انتهجوا أسلوبا خاصا وحضاريا يعبرون من خلاله عن إرادتهم ورفضهم للاحتلال البغيض.
ففي فجر 8 من نوفمبر 2010 نفذ الجيش المغربي مستخدما الشاحنات والسيارات وخراطيم المياه والأضواء الكاشفة ومكبرات الصوت والرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع عمليته الجبانة في حق الأبرياء الذين كانوا ينامون تحت آلاف الخيم التي بنوها طوال ما يقارب الشهر، لعلّ الاحتلال يستجيب لإرادتهم ومطالبهم الشرعية، لكن الاحتلال أبان أنه لا يقيم وزنا للحريات ولا لحقوق الإنسان ولا حتى لأرواح الأبرياء.
وعلى الرغم من أن الجريمة التي لا تحتاج إلى دليل وما صاحبها من إدانة وطنية ودولية واسعة، فإن الاحتلال المغربي ظل بعيدا عن المحاسبة القانونية على هذه الجريمة والجرائم الأخرى التي ارتكبها في حق الصحراويين منذ احتلاله للصحراء الغربية سنة 1975، وظلت، فرنسا، حليفته التقليدية في سفك دماء الصحراويين وتشريدهم، تدافع عنه بكل قوة وفي أعلى المنابر الدولية.
وعوضا عن أن يعاقب المغرب كمجرم، ضاعف هذا الأخير وتيرة ارتكاب جرائمه وانتهاكه لحقوق الإنسان، فقام بالزج بالعشرات من الصحراويين في السجون المغربية، وكان السجناء السياسيون ـ مجموعة اكديم ازيك - في مقدمتهم حيث تمت محاكمتهم من قبل محكمة عسكرية جائرة أصدرت في حقهم أحكاما قاسية، ليعيش السجناء ظروف السجن وما تنطوي عليه الكلمة من سوء معاملة وحرمان من أبسط الحقوق، وما ترتب عن ذلك من مضاعفات بسبب السجن والإضرابات المستمرة عن الطعام من قبل المجموعة.
على على الصعيد الميداني نفذت وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي، هجمات جديدة ضد تخندقات قوات الاحتلال المغربية بقطاعات المحبس وأوسرد والبكاري، بحسب البيان العسكري رقم 361 الصادر عن وزارة الدفاع الصحراوية.