قال الباحث الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة مولود معمري بتيزي وزو، الدكتور زاوي رابح، إنّ دور الجزائر وقوّتها الدبلوماسية تعود بالأساس إلى موروثها التّاريخي كنتيجة لتضحيات كبيرة جدا خلال حرب التحرير الوطنية، وما تبع ذلك من نضال طويل جدا في سبيل تحقيق الاستقلال، وقد أثبتت ذلك في مفاوضات ايفيان التاريخية أين تمكّنت من استرجاع التراب الجزائري شبرا شبرا.
أكّد الأستاذ زاوي، أنّ الموروث الدبلوماسي الجزائري تمّ استثماره بعد الاستقلال في دعم حركات التّحرّر في القارة السّمراء وغيرها، والبداية كانت في مؤتمر باندونغ ليستمر بعدها في دعم حركات التّحرّر التي جاءت نتيجة لموجة استقلال كبيرة عرفتها القارة الإفريقية والأسياوية وحتى في أمريكا اللاّتينية. لتأتي بعدها سلسلة من الإنجازات التي حقّقتها الدبلوماسية من خلال وساطتها في العديد من الأزمات، والمساهمة في حلها على غرار النزاع الإثيوبي - الإريتيري.
وعلى الرغم من كثرة التّحديات وصعوبتها على غرار ما يحدث في الجوار الليبي وتونس وأزمة سد النهضة، إلى جانب الانقلاب العسكري في مالي واغتيال الرئيس في النيجر، يرى الأستاذ الجامعي أنّها كلّها ملفات انعكست بصورة واضحة على تحرّكات الدبلوماسية الجزائرية عبر الجولة التي قادت في نهاية شهر جويلية الماضي وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية في الخارج رمطان لعمامرة، إلى عدد من العواصم العربية والإفريقية، في إطار جهود الجزائر لتسوية النزاعات بين الفرقاء بالطرق السلمية.
وأوضح ذات المتحدّث، أنّ الدّبلوماسية الجزائرية أظهرت صرامة أكبر في التّعامل مع التّهديدات الحقيقية في الجوار الغربي من خلال قطع علاقتها مع المغرب في أوت الماضي، وهو ما يؤشّر على مرحلة جديدة من النّشاط الدبلوماسي الكفيل بتحقيق مصالح الجزائر الحيوية من جهة، وتعزيز موقعها في المنطقة المغاربية كفاعل مؤثّر له ما يقوله في الأزمات التي تعرفها المنطقة، وكذا التّحوّلات التي تشهدها، وكذا ضمان نجاح المسارات السياسية الإقليمية لحل وتسوية الأزمات المطروحة، والتي لها علاقة بأمن الجزائر ومصالحها مثلما هو الأمر مع الملف الليبي، حيث أنّ الجزائر في هذا الجانب سعت ومازالت لتوفير كامل عوامل نجاح مؤتمر الجزائر لدول جوار ليبيا، كما أنّ الدبلوماسية الجزائرية تسعى من جهة أخرى إلى تحقيق جملة من النجاحات الأخرى خارج حدودها على غرار سعيها لإيجاد حل وسط في أزمة سد النهضة.
وعلى المستوى الإفريقي، أكّد الباحث أنّ للجزائر ما تقوله في هذا الفضاء الجيوسياسي الهام، والذي يشكل عمقنا الإستراتيجي، وهنا قادت الجزائر حملة إقليمية لإخراج الكيان الصّهيوني من الاتحاد الإفريقي، بصفة مراقب، والذي كان قد حاز عليها بقرار إداري منفرد أصدره مفوّض الاتحاد موسى فقي، وسوف يعزّز هذا النّجاح من خلال إحداث نقلة نوعية في شراكاتها مع الدول الإفريقية بما سوف يوجد فضاء هاما لتسويق السّلع من ناحية، وتنمية المناطق الحدودية من ناحية أخرى.