طالما انتقدت التدخلات الخارجية المشبوهة

الجزائر في مسعى لإعادة الملف اللّيبي إلى المسار الصحيح

جلال ب

 تقوم الجزائر بدور دبلوماسي كبير في حلحلة الأزمة الليبية، منذ بدايتها، عبر آليات مختلفة تعتمد أساسا على الحوار، وترى أن الحلّ يصنعه الليبيون أنفسهم بعيدا عن التدخلات الأجنبية وهو ما تسعى إليه حاليا من خلال إعادة الملف إلى حضنه المغاربي والإفريقي عبر مبادرات متعددة بمشاركة دول الجوار الليبي.
منذ توليهما زمام السلطة التنفيذية في مارس الماضي أعربت حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة والمجلس الرئاسي عن أملهما في إسهام الجزائر لحل الأزمة الليبية، انطلاقا من قناعة الشعب الليبي الذي يعتبر الجزائر أقرب الدول المجاورة معرفة بالوضع الداخلي والشؤون السياسية منذ احتضانها الفرقاء قبل خمس سنوات ضمن مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الفاعلين في المشهد السياسي.
هذه الإستراتيجية الجزائرية يراها خبراء ليبيون أكثر قربا نحو تسوية الأزمة رغم التحديات والرهانات التي تواجه العملية السياسية قبيل أشهر على موعد استحقاقات تاريخية أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس وجنيف.

زمام المبادرة

تسعى الجزائر بقوّة إلى استعادة زمام المبادرة في الملف الليبي وإرجاعه إلى حضنه المغاربي والإفريقي عبر الاجتماع الوزاري المرتقب لدول جوار ليبيا لبحث مقترحات تأمين الحدود بالدرجة الأولى في ظل وضع أمني مقلق خاصة جنوبا، لاسيما بعد الحديث عن إمكانية تسلل المرتزقة نحو دول الجوار في حال تم إخراجهم في أقرب وقت،  وبالتالي يسعون لإيجاد موطئ قدم لهم قد لا يكون بعيدا عن منطقة الساحل الأفريقي والصحراء نظرا لارتباط أجنداتهم مع الجماعات الإرهابية الناشطة في المنطقة لاسيما عناصر التنظيم الدموي “داعش”.
وفي هذا الاتجاه تذهب الدبلوماسية الجزائرية إلى تبني خارطة طريق مشتركة مع دول جوار ليبيا تكمن في تأمين المنطقة بدرجة أولى وتهيئة مناخ مناسب لتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية مقررة نهاية العام الجاري، إذ تؤكد الجزائر أن الاستحقاقات هي الطريق السليم لتمكين الشعب الليبي من قول كلمته الفصل، ولتفادي العودة إلى مربع الحرب.

تحدّيات مشتركة

وإن كانت الجزائر تدرك أن طريق الانفراج غير معبدة بالورود، فهي تدفع بكل ثقلها الدبلوماسي لمساعدة الأشقاء الليبيين وفق تعبير وزارة الخارجية، وتعوّل كثيرا على نوايا الأطراف الليبية في قبول جهود الجزائر الحثيثة لمواجهة التحديات وهي كلها قناعة بأن الحل يبقى ليبيا- ليبيا في نهاية المطاف، وهو موقف لقي إشادة من مكونات الشعب الليبي. وعلى صعيد متناقض تسعى دول أخرى للتشويش على جهود الجزائر كلما أحست أن الأطراف الليبية تقر بأهمية المبادرة الجزائرية، فالممكلة المغربية تشغل آلتها الدبلوماسية كلما أعلنت الجزائر عن مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الفاعلين في المشهد السياسي الليبي أو دول الجوار، فيما يبدو أنها سياسة تسبح عكس التيار.
ويدرك الليبيون أن التقدم الدائم لن يتحقق بين عشية وضحاها. ولكن الانتخابات هي خطوة أولى ضرورية في التحدي المتمثل في إخراج المقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية، ومعالجة أزمة الصحة العامة الناجمة عن الجائحة الحالية، وتوفير الإغاثة الاقتصادية إلى من هو في أمس الحاجة إليها.
وخلال مؤتمر دولي عُقد في برلين، قبل أقل من شهرين، نقل وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن رسالة عاجلة حول مستقبل ليبيا، التي عصفت بها 10 سنوات من الاضطرابات السياسية. وأعلن أن “ليبيا ذات سيادة، ومستقرة، وموحدة، وآمنة، وخالية من التدخل الأجنبي أمر بالغ الأهمية للأمن الإقليمي”. ولكي يحدث ذلك، يجب المضي قدماً في الانتخابات الوطنية، المقرر إجراؤها في ديسمبر المقبل.
وأعطى بيان بلينكن أملاً جديداً لدولة يتطلع سكانها البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة، إلى التصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في 24 ديسمبر، كجزء من عملية السلام التي تدعمها الأمم المتحدة. وأشار بلينكن إلى أن الرئيس جو بايدن، وفريقه سيتخلون عن نهج إدارة ترامب بعدم التدخل في ليبيا. كما أظهر أن جميع الدول 17 التي حضرت مؤتمر برلين، مستعدة للقيام بدورها في مساعدة ليبيا على بناء إمكاناتها كديمقراطية.وبالرغم من محاولات بعض الفواعل في ليبيا اليوم سدّ الطريق أمام إجراء الانتخابات في موعدها من خلال تعطيل عمل الحكومة وشنّ حملة ضدّها، فإن الشعب الليبي مصرّ على وضع نقطة النهاية لمعاناته، وهو متمسّك بإنجاح العملية السياسية ولفض تجار الحروب.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024