أكد مبعوث الولايات المتحدة وسفيرها لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، دعم الولايات المتحدة لحق الشعب الليبي في اختيار قادته من خلال عملية ديمقراطية مفتوحة خالية من الضغوط الخارجية، داعيا الشخصيات الليبية الرئيسية إلى استخدام نفوذها في هذه المرحلة الحساسة من أجل القيام بما هو الأفضل لكافة الليبيين.
جاء ذلك في بيان للخارجية الأمريكية، بشأن الزيارات التي أجراها نورلاند إلى عدد من الدول خلال الفترة من 10 إلى 16 أوت الجاري.
وركز السفير، خلال جولته، على الضرورة الملحة لوضع الأساس الدستوري، والإطار القانوني المطلوب لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 24 ديسمبر 2021، مشددا على ضرورة قيام القادة الليبيين بتقديم التسويات اللازمة لتلبية توقعات الشعب الليبي بانتخابات حرة ونزيهة، والتي تمثل خطوة أساسية باتجاه تحقيق الاستقرار والوحدة والديمقراطية في ليبيا.
وجدد السفير الأمريكي التأكيد على أن الاستقرار والتقدم المستمر على المسارين السياسي والأمني سيؤديان إلى زيادة الفرص الاقتصادية والاستثمارات الأجنبية والازدهار لليبيين.
توحيد المؤسسة
في الأثناء، تواصل الأطراف الليبية مساعيها من أجل توحيد مؤسسات الدولة لا سيما العسكرية منها باعتبارها صمام أمان استقرار ليبيا من أجل توفير الظروف الأمنية الضرورية لخوض غمار الاستحقاقات العامة المقررة في ديسمبر المقبل. وتبقى مسألة توحيد المؤسسة العسكرية من أولويات المجلس الرئاسي الليبي، الذي أكد التزامه بتوحيدها ودعم مشروع المصالحة الوطنية، تمهيدا لإجراء الانتخابات المقبلة في موعدها.
وقال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، في هذا السياق، أن “المجلس ملتزم بدعم مخرجات الحوار السياسي المتمثلة في وقف إطلاق النار، وتوحيد مؤسسات الدولة، ودعم مشروع المصالحة الوطنية، وعمل اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) التي أفضت بافتتاح الطريق الساحلي مؤخرا”.
القبائل يدعمون المصالحة
وبحسب المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، فقد إلتقى المنفي، اليوم الاثنين، وفدا من قبيلة أولاد علي الذين أكدوا دعمهم الكامل لمشروع المصالحة الوطنية الذي أطلقه المجلس الرئاسي لجمع الفرقاء الليبيين.
وهو نفس المسعى الذي شدد عليه عضوا المجلس الليبي، موسى الكوني، وعبد الله اللافي خلال زيارة الى معسكر قوة مكافحة الإرهاب (تتبع الجيش) بمدينة الخمس شرق العاصمة طرابلس، مؤكدين على استمرار المجلس للعمل “على توحيد المؤسسة العسكرية، باعتبارها صمام الأمان لاستقرار ليبيا، ودعم لمشروع المصالحة الوطنية التي ستمهد الطريق لإجراء الاستحقاق الانتخابي في ديسمبر المقبل”.
تعزيز قدرات مكافحة الارهاب
وأوضح البيان أن المجلس أبدى دعمه لقوة مكافحة الإرهاب بكل الإمكانيات،، حتى تتمكن من تنفيذ المهام الموكلة لها بكل احترافية في مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه.
وأشار إلى أن القوة التي تأسست عام 2016 عقب تحرير سرت من تنظيم ما يعرف بالدولة الاسلامية (داعش) الارهابي، وتضم أبناء ليبيا من كل المناطق، هي جزء من المؤسسة العسكرية الليبية التي يسعى المجلس لتوحيده.
الملف العسكري في دائرة التجاذبات
وعاد الملف العسكري من جديد، الى دائرة التجاذبات بين الأطراف الليبية لا سيما عقب مطالبة اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 للسلطات تجميد الاتفاقيات العسكرية ومذكرات التفاهم مع الدول الأخرى -في إشارة الى الاتفاق العسكري الموقع مع تركيا -، ما حدا بالمجلس الأعلى للدولة إلى مطالبتها (اللجنة) بالتقيد باختصاصاتها وعدم حديثها في الشأن السياسي.
ورد المجلس الأعلى، في بيان له أن “الاتفاقيات الأمنية والحدودية التي أبرمتها حكومة الوفاق الوطني كانت “تعبيرا عن إرادة الدولة الليبية، ومن السلطة الشرعية صاحبة الاختصاص الأصيل، كما أنها محصنة من المساس بها، وفق مخرجات الحوار السياسي”، مشيرا إلى “بقائها سارية إلى حين انتخاب سلطة تنفيذية وتشريعية جديدة.”
وشدد المجلس على ضرورة التزام أعضاء اللجنة العسكرية بما “تم تكليفهم به من اختصاصات، حتى لا تعتبر أداة لطرف سياسي وتترك مسؤوليتها المنوطة بها”.
وكان حفتر قد أعلن في خطاب له الاثنين الماضي، عن رفضه خضوع قواته “لأي سلطة”، معلنا عن جملة من الترقيات العسكرية والتعيينات لقيادات جديدة داخل قواته، في “تجاوز واضح لاختصاصات المجلس الرئاسي” بحسب ما نقلته تقارير اعلامية ليبية.
وترى العديد من الاطراف الليبية، أن الترقيات وإنشاء المناطق العسكرية من جانب المجلس الرئاسي والحكومة جاءت في سياق الرد على إجراءات وقرارات حفتر العسكرية المشابهة التي أعلن عنها مؤخرا.
مهمة تعبيد طريق الانتخابات
تأتي هذه التطورات في الوقت الذي تتواصل فيه التحضيرات على قدم وساق من أجل تجاوز أهم القضايا الشائكة لتنظيم الانتخابات العامة المقررة نهاية العام الجاري، وهذا في أعقاب فشل ملتقى الحوار الليبي في إرساء قاعدة دستورية لإجراء هذه الاستحقاقات.
وتتواصل جلسات البرلمان الليبي من أجل الفصل في أهم القضايا التي تعتري مسار الانتخابات لا سميا قانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ومشروع قانون الميزانية العامة واعتماد توزيع الدوائر الانتخابية في جميع انحاء البلاد.
وبهذا الخصوص أوضح رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح إن المجلس مستعد لاعتماد قانون الانتخابات الرئاسية خلال أسبوع أو أسبوعين، مشددا على أن هذه الاستحقاقات ستجرى في موعدها المحدد في 24 ديسمبر المقبل. وأضاف أن “الانتخابات يريدها الشعب وهي المخرج الوحيد للأزمة الليبية، كما أن إلغائها سيؤدي إلى التقسيم والفوضى واستمرار الحرب”.
وللإشارة شهدت ليبيا، منذ اشهر إنفراجا سياسيا، ففي 16 مارس الماضي، تسلمت سلطة انتقالية منتخبة مِن ملتقى الحوار الليبي برعاية أممية في جنيف، تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا، مهامها لقيادة البلاد إلى الانتخابات في ديسمبر المقبل.
الموازنة وقانون الانتخابات
عقد البرلمان الليبي، أمس الأول، جلسة جديدة للنظر في استكمال مناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة، ولإصدار قانون الانتخابات الرئاسية والنيابية، وذلك بمقره في مدينة طبرق شرق البلاد.
وتم التطرق إلى الزيادة التي طرأت على الميزانية والمقدرة بـ 9 مليارات دولار ليصبح معدل الميزانية 111 مليار دينار (أي حوالي 24.7 مليار دولار)، وأوجه صرفها، ثم التصويت على هذا الرقم بالموافقة أو الرفض.
يشار إلى أن البرلمان كان فشل بعد أكثر من جلسة في التوصل إلى اتفاق لتمرير الميزانية بسبب خلافات بين الحكومة والنواب حول حجم المخصصات لبنود التنمية والتسيير والطوارئ، إلى جانب تخصيص ميزانية لقوات الجيش الليبي، وذلك بعد مرور 7 أشهر ونصف من دون موازنة للحكومة.