الرّئيس يتولّى السلطة التنفيذية وأمن الرئاسة يشرف على الداخلية
جمّد الرئيس التونسي قيس سعيّد، أمس الأول، جميع سلطات مجلس النواب ورفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان، كما أعفى رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه.
كانت تونس قد شهدت الأحد مظاهرات في مدن واشتباكات مع القوى الأمنية للمطالبة بتنحي الحكومة وحل البرلمان، في تصعيد للغضب ضد المنظومة الحاكمة وسط تفش سريع لفيروس كورونا وتدهور الوضع الاقتصادي. وأعلن الرئيس أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد. فيما ندّد حزب النهضة في بيان على صفحته على فيس بوك بما دعاه «انقلابا على الثورة».
بعد أشهر طويلة عاشها التونسيون في أجواء من التوتر السياسي، أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي يخوض صراعا منذ أشهر مع حزب النهضة، أكبر الأحزاب تمثيلا في البرلمان، الأحد، قرارا بتجميد كل أعمال مجلس النواب ورفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان، معلناً أنه سيتولى السلطة التنفيذية، بعد يوم شهد مظاهرات ضد قادة البلاد وسط أزمة صحية متفاقمة. كما أعفى سعيّد رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه. وأضاف الرئيس أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد.
حزب النهضة يندّد
ندّد حزب النهضة بما وصفه بـ «انقلاب على الثورة» بعد القرارات التي اتخذها الرئيس. وقال الحزب في بيان عبر صفحته على «فيس بوك»، إن «ما قام به قيس سعيّد هو انقلاب على الثورة والدستور، وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة».
وقال سعيّد عقب اجتماع طارئ عقده في قصر قرطاج مع مسؤولين أمنيين، إنه قرّر «عملا بأحكام الدستور، اتّخاذ تدابير يقتضيها الوضع، لإنقاذ تونس، لإنقاذ الدولة التونسية ولإنقاذ المجتمع التونسي». وأضاف «نحن نمر بأدق اللحظات في تاريخ تونس، بل بأخطر اللحظات»، في وقت تواجه البلاد أزمة صحية غير مسبوقة بسبب تفشي فيروس كورونا وصراعات على السلطة.
تجميد البرلمان لمدّة شهر لا حلّه
أعلن الرئيس سعيّد تجميد كل أعمال مجلس النواب، وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه، مستندا في ذلك إلى الفصل 80 من الدستور الذي يسمح بهذا النوع من التدابير في حالة «الخطر الداهم». وأشار سعيّد إلى أن أحد القرارات التي اتخذها أيضا يتمثل في «تولي رئيس الدولة السلطة التنفيذية، بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة ويعينه رئيس الجمهورية».
وقال سعيّد إنّ «الدستور لا يسمح بحل المجلس النيابي، لكن لا يقف مانعا أمام تجميد كل أعماله». كذلك، أعلن الرئيس التونسي رفع الحصانة عن جميع أعضاء المجلس النيابي.
ويشعر الرأي العام التونسي بالغضب من الخلافات بين الأحزاب في البرلمان، ومن الصراع بين رئيس البرلمان راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة، وبين الرئيس سعيّد، وهو أمر أدى إلى حال من الشلل.
ما هو الفصل 80 من الدستور؟
استند الرئيس التونسي إلى مضمون الفصل 80 من الدستور الذي يتيح له اتخاذ تدابير استثنائية في أوضاع محددة، مستفيداً من الاحتجاجات وأعمال الشغب التي اجتاحت عدداً من المدن التونسية، الأحد.
وينص الفصل 80 من الدستور على أن «لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية».
كما ينص الفصل على أنه «يحب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال».
هذا وقالت الرئاسة التونسية إن التدابير التي أعلنها سعيد ستستمر لمدة شهر.
معلوم أن انتخاب الرئيس والبرلمان تمّ في انتخابات شعبية منفصلة في 2019 في حين تولى رئيس الوزراء هشام المشيشي منصبه في الصيف الماضي ليحل محل حكومة أخرى لم تستمر سوى فترة وجيزة، في الوقت نفسه أسفرت الانتخابات البرلمانية عن برلمان مقسم لم يشغل فيه أي حزب أكثر من ربع المقاعد.
وتدور خلافات سياسية بين الرئيس والمشيشي منذ عام مع مكافحة البلاد لأزمة اقتصادية وصحيّة وأزمة مالية تلوح في الأفق.
الغنوشي يعتصم أمام البرلمان
نفّذ رئيس مجلس النواب التونسي راشد الغنوشي اعتصاماً، صباح أمس، أمام البرلمان في العاصمة تونس، بعدما منعه الجيش من الدخول إلى المبنى، غداة تجميد الرئيس قيس سعيّد أعمال المجلس.
وتوجه الغنوشي وهو زعيم حركة «النهضة» أكبر الأحزاب تمثيلاً في البرلمان، ونوابٌ إلى المجلس منذ الساعة الثالثة، إلا أنهم مُنعوا من الدخول.
مدير أمن الرّئاسة للإشراف على الداخلية
قالت مصادر أمنية تونسية، أمس، إنّ الرئيس قيس سعيّد كلف مدير الأمن الرئاسي خالد اليحياوي، للإشراف على وزارة الداخلية.
ويكتسب هذا التعيين معنى كبيرا، إذ أن المشيشي أقال بعد فترة وجيزة من توليه رئاسة الحكومة، وزير الداخلية المقرب من سعيّد، توفيق شرف الدين.
وكانت تلك الإقالة من بين الأسباب التي أدت إلى احتدام الصراع بين سعيّد والمشيشي.
كما أن تعيين مسؤول على وزارة الداخلية أمر بالغ الأهمية، في وقت تعيش فيه البلاد احتجاجات قد تتحول إلى فوضى، وتواجه أزمة صحية غير مسبوقة مع تفشي وباء كورونا.
وكان اليحياوي تولى مسؤولية الأمن الرئاسي في تونس عام 2019، خلفا للعميد رؤوف مرادع.
إعفاء وزير الدفاع ووزيرة العدل بالإنابة
أعلنت الرئاسة التونسية، أمس، أن الرئيس قيس سعيد قرر إعفاء رئيس الحكومة والمكلف بإدارة شؤون وزارة الداخلية، ووزير الدفاع الوطني، ووزيرة العدل بالإنابة من مناصبهم.
وجاء في بيان للرئاسة التونسية، أمس: «أصدر رئيس الجمهورية قيس سعيّد أمراً رئاسياً قرر من خلاله إعفاء: السيد هشام مشيشي، رئيس الحكومة والمكلف بإدارة شؤون وزارة الداخلية، السيّد إبراهيم البرتاجي، وزير الدفاع الوطني، السيّدة حسناء بن سليمان، الوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة».
اتحاد الشغل يطالب بضمانات دستورية
طالب اتحاد الشغل التونسي الرئيس قيس سعيد بضمانات دستورية للتدابير الاستثنائية التي اتخذها، وفي مقدمتها «ضبط أهداف تلك التدابير، وتحديد مدة تطبيقها، والإسراع بإنهائها حتى لا تتحول إلى إجراء دائم، والعودة في الآجال إلى السير العادي وإلى مؤسّسات الدولة.
كما دعا الاتحاد الرئيس التونسي إلى ضمان «احترام الحقوق والحريات»، بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مع الاحتكام إلى الآليات الديمقراطية والتشاركية في أي تغيير سياسي في إطار خارطة طريق تشاركية واضحة، تسطر الأهداف والوسائل وتطمئن الشعب وتبدد المخاوف..
وقال إنّ الأزمة التي وقعت فيها البلاد قد سبق أن نبه إليها، متابعا أنها «بلغت اليوم أقصاها، ووصلت إلى حد تعطل أجهزة الدولة وتفكك أواصرها، وتدني الوضعين الاجتماعي والاقتصادي، وتعمق معاناة الشعب».
وشدّد على ضرورة الحرص على التمسك بالشرعية الدستورية في أي إجراء يتخذ في هذه المرحلة، حتى «التأكد من احترام الدستور واستمرار المسار الديمقراطي، وإعادة الاستقرار إلى البلاد واسترجاع طاقتها في البناء والتقدم».