توصلت حكومة مالي والجماعات المسلحة في الشمال، إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار والعودة إلى الحوار، وفق ما نص عليه اتفاق واغادوغو سنة 2013، والشيء الذي يستحق التنويه في هذا الصدد هو السرعة التي تم بها التوصل إلى هذا الاتفاق، الذي من شأنه أن يسكت لغة الرصاص ويعيد الفرقاء الماليين إلى طاولة المفاوضات، لتفويت الفرصة على من يريدون بتر حبل المصالحة البينية، في الوقت الذي اقتنع فيه الجميع أن الحل السياسي عبر حوار شامل وحده كفيل بإنهاء الخلافات والحفاظ على الوحدة الترابية لهذا البلد، الذي خرج لتوه من أزمة متعددة الأبعاد لم يتعاف من مخلفاتها بعد.
إن السرعة التي تحرك بها الاتحاد الإفريقي من أجل وقف المواجهات في مالي، تستحق التنويه، لان هذه الهيئة الإفريقية استطاعت هذه المرة أن تقوم بوظيفتها الأساسية المتمثلة في حفظ السلم والأمن، وهي مهمة تقع في صلب الأمن القاري الذي لا يجب أن يبقى على تبعيته المزمنة للوصفات الأجنبية في علاج المشاكل الداخلية لإفريقيا، هذه القارة المقبلة على تحديات أمنية كبرى تأتي على رأسها التهديدات الإرهابية والنزاعات الداخلية التي لم تعد تخفى على احد وهي تهديدات تتطلب بالضرورة تكييف هذه الهيئة الإفريقية مع التطورات الحاصلة من خلال تبني استراتيجيات جديدة من شأنها الاستجابة للطوارئ بالسرعة المطلوبة واتخاذ الإجراءات الملائمة بشأنها.
إن الأحداث التي شهدتها القارة الإفريقية في السنوات الأخيرة خاصة تلك التي هزت مالي ثم جمهورية إفريقيا الوسطى ونيجيريا بالإضافة إلى استفحال ظاهرة الإرهاب وتجارة السلاح والمخدرات، أثبتت كلها وجود اختلالات هيكلية في ميكانيزمات حفظ السلم والأمن القارين المعتمدة من قبل الاتحاد الإفريقي، والتي تتطلب مراجعة سريعة للتكيف مع المستجدات المتسارعة والتهديدات التي تزداد توسعا وانتشارا، وبما أن الطبيعة لا تحتمل الفراغ الذي تجد فيه القوى الأجنبية باب الدخول إلى المطبخ الإفريقي.
العلامة الكاملة
أمين بلعمري
شوهد:462 مرة