على الحدود بين الجزائر والنيجر وبقلب الصحراء الكبرى، عثروا عليهم أطفالا ونساءً وشيوخا، يناهز عددهم 50 جثة هادمة نصفها متعفّن، ولا تكاد تعرف سمات وجهوهم جراء حروق الحر الشديد والرمال المكدّسة فوقها. قصّتهم أنّهم، مهاجرون منحوا ما اكتنزوا من دراهم قليلة لتسديد صك نقلهم إلى الجزائر، قبل أن يتخلّى عنهم محترفو نقل الحرقى بعد أن تاهوا في تضاريس الصحراء ليتمكّن منهم الجوع والعطش والشمس الحارقة. ليست المرة الأولى التي يهلك فيها أفارقة وهم يحلمون ببلوغ وجهة أفضل تضمن لهم قوت اليوم ويسر العيش، فهناك الآلاف من لم يبق منهم إلا هياكل عظمية تداولت عليها النسور في الشعاب الممتدة على الحدود بين ليبيا والتشاد، وهناك من سقط في أفواه الحيتان على بعد أمتار قليلة من بلوغ التراب الايطالي، وأصحاب الحظ الوفير تترصد لهم فرق الانقاذ وتكشف الفحوصات الطبية التي يخضعون لها إصابتهم بأمراض فتاكة. السؤال الذي ينبغي طرحه، لماذا يتحمّل هؤلاء شباب، أطفال، شيوخ ونساء مشقّة سفر مميت؟ ما الذي يدفعهم لترك وهجر موطنهم بشكل نهائي نحو الشمال؟ وعلى قدر بساطة الإجابة لكون الأمر مرتبط بالجوع والفقر المدقع، بقدر ما تبرز في الجهة المقابلة جمود السّلطات المسؤولة عن هؤلاء المواطنين وعدم جدية المجموعة الدولية في وضع حل جدري للظاهرة. نعم نقول عدم الجدية لإن ما وضع من إجراءات لا يتجاوز حراسة الحدود وإقامة مخيمات ونشر منظمات الإغاثة، لكن أين هي التنمية؟ أي هي التبرعات وأموال الدول المانحة؟ أين هي المشاريع اللازمة وأبسط جرعات الأمل لهؤلاء؟ إنّ الأمر يحتاج إلى وقفة جادّة من قبل الدّولة المعنية وكل الأفارقة. حمزة محصول