الجانب الأمني بات الأهم

تحديات حكومة المشيشـي في تــونس

جلال بوطي / وكالات

حصلت حكومة هشام المشيشي في تونس الأسبوع الماضي على أغلبية الأصوات اللازمة لمنحها الثقة وتمريرها عبر البرلمان، حيث صوّت 134 عضو من إجمالي 217 عضو بالبرلمان، بالموافقة عليها، وأيّدتها الكتل البرلمانية لحركة النهضة (54 مقعدا)، حزب قلب تونس (26 مقعداً)، الإصلاح (16 مقعداً)، الكتلة الوطنية (11 مقعداً) وتحيا تونس (10 مقاعد)، فيما عارضت الكتل النيابية لكل من الحزب الدستوري الحر (16 مقعداً) والكتلة الديمقراطية (38 مقعداً)، إضافة إلى ائتلاف الكرامة (19 مقعداً).

التصويت على حكومة المشيشي كان في جلسة برلمانية تمّ الإعلان فيها عن منح الثقة للحكومة بعد ذلك بيوم واحد من تشكيلها، وهي الثانية في عهد الرئيس قيس سعيد، بعد مخاض عسير رافق تشكيلها بعد استقالة إلياس الفخفاخ وسط مشهد سياسي متميز يعكس إرادة التونسيين في التغيير الديمقراطي الحقيقي بمفهوم يختلف عن النموذج الغربي بات يحظى باهتمام الخارج قبل الداخل نظرا لتنوع الساحة السياسية في البلاد، وإحداث توافق كان مستحيلا إلى سنوات قريبة منذ ثورة الياسمين.
تعتبر حكومة المشيشي التشكيلة الحكومية الثانية للرئيس قيس سعيد منذ توليه رئاسة تونس بعد تقديم الفخفاخ استقالته شهر جويلية الماضي، وكان سعيد قد سبق له اختيار الفخفاخ بعد فشل مرشح حركة النهضة الحبيب الجملي في الحصول على ثقة البرلمان، وهو ما فتح الباب أمام المشهد السياسي على مصراعيه قبيل منح حكومة المشيشي الثقة في ظل تباين كبير بين الطبقات السياسية، وتحدث الأغلبية عن فتح البرلمان التونسي.

الأزمات الدّاخلية

من المحتمل أن تواجه حكومة التكنوقراط برئاسة المشيشي جملة من الأزمات الداخلية، والتي تتطلب منها سرعة حلها بشكل يؤكد قدرتها على إدارة شؤون البلاد، ويأتي في مقدمة التحديات الجانب الإقتصادي، ناهيك عن الوضع الأمني بعد التفجير الإرهابي، أول أمس، في سوسة الذي أودى بحياة رجل أمن وعدد من الجرحى، وما له من دلالات سياسية لاسيما أنه يأتي أياما بعد تشكيل الحكومة وتعيين وزير داخلية جديد، حيث من المؤكد أن الوضع الامني سيكون على رأس أولويات الحكومة في المرحلة القادمة.

 أزمة اقتصاديّة حادّة

كما تعد الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد خلال الفترة الأخيرة من أبرز التحديات التي تتطلب من الحكومة الجديدة جهوداً كبيرة في محاولة لإخراج البلاد منها، وسيتّضح خلال الفترة القادمة مدى قدرة البرنامج الاقتصادي، الذي أعلن عنه رئيس الحكومة الجديدة على حل المشكلة الاقتصادية على الصعيدين الداخلي والخارجي، في ظل ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب، وما أدى إليه ذلك من تزايد في معدلات الهجرة غير الشرعية إلى الخارج، وكذلك مخاطبة المؤسسات الدولية المانحة للحصول على مساعدات وقروض وكذلك جذب المستثمرين من أجل إنعاش الاقتصاد الوطني.

الإجماع السّياسي

رئيس الحكومة الجديد شخصية مستقلة لا ينتمي لأي من الأحزاب السياسية المتصدرة للمشهد السياسي، وذلك على غرار رئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ، والذي تمّ اختياره من قبل الرئيس قيس سعيد، وهذه المشكلة تثير استياء الأحزاب السياسية وتدفعها إلى اتهام رئيس البلاد بـ «عدم الالتزام باختيارات الناخبين والتجربة الديمقراطية بشكل عام»، وقد يؤدي ذلك إلى اتجاه هذه الأحزاب لممارسة ضغوطها على رئيس الحكومة المستقيل المدعوم من مؤسسة الرئاسة، وبالتالي تصعيد الخلافات مرة أخرى بين الأحزاب ورئيس البلاد، بشكل قد يؤدي، في أحد السيناريوهات، إلى سحب الثقة من هذه الحكومة باعتبارها حكومة غير سياسية لا تعبر عن الأحزاب وكتلهم البرلمانية، وفي هذه الحالة ستدخل البلاد في أزمة سياسية جديدة مع تكرار أسباب حدوثها.

 الأمن على رأس الأولويات

بعد التفجير الإرهابي أول امس بسوسة بات من الواضح جدا أن الملف الأمني سيكون أحد أبرز التحديات التي تواجه تونس وحكومتها الجديدة، فالحفاظ على الأمن القومي للبلاد في مواجهة التهديدات الإرهابية يعد من التحديات التي ستتطلب من الحكومة الجديدة ضرورة اتخاذ إجراءات وسياسات حاسمة، بالتوازي مع مطالبة بعض الأحزاب السياسية الرافضة لتصاعد دور حركة النهضة ووصولها للسلطة.


تونس أوّلا
الوعي الذي تحلّت به الأحزاب التونسية في منح ثقة حكومة المشيشي يؤكّد لا محالة وطنيتها حتى النخاع بوضعها مصلحة تونس في المقام الأول، حيث جاء التصويت بالموافقة على منح ثقة البرلمان للحكومة الجديدة لتتجنّب البلاد عواقب الاتجاه نحوحالة من الفراغ الدستوري، وذلك في حالة عدم التصويت لها، الأمر الذي من شأنه الاسهام في دعم المشهد السياسي المتأزّم، ومن ثم تحقيق الاستقرار السياسي اللازم لمساعدة الحكومة الجديدة على القيام بالمهام، في مرحلة من المؤكّد أنّها ستكون صعبة خاصة فيما يتعلق بتحسين الأوضاع الاقتصادية للبلاد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024