بعد مخاوف أثارها قرار البرلمان المصري بتفويض الرئيس عبد الفتاح السيسي بإرسال قوات إلى الأراضي الليبية، وبعد أن تسبّب هذا القرار في ردود فعل مستنكرة ورافضة، تحاول مصر التخفيف من هذه المخاوف وطمأنة العالم بتمسّكها بالحل السياسي السلمي وبمفاوضات ليبية – ليبية تبعد كلّ المخاطر التي تهدّد بنشوب حرب مسلّحة.
أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس الأربعاء، في حديث هاتفي مع كل من وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، ووزير خارجية ألمانيا هايكوماس، على أهمية التوصل إلى حل سياسي «ليبي ليبي» لإنهاء الأزمة الدائرة هناك، مشددا على أن ذلك لن يتم «إلا بالقضاء على الجماعات الإرهابية والتدخلات الخارجية».
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ، إن الاتصالين الهاتفيين تناولا بإسهاب كبير تطورات الأوضاع في المشهد الليبي، وأهمية العمل نحو الدفع قدما لتحقيق التسوية السياسية هناك».
وأكد سامح شكري خلال الحديث، على الموقف المصري من الأوضاع في ليبيا، مشددا على «الأولوية التي يوليها الجانب المصري للعمل على وقف إطلاق النار، وللتوصل إلى حل سياسي تفاوضي ليبي/ليبي».
وأشار وزير خارجية مصر إلى أن إعلان القاهرة، الذي يأتي مكملا لمسار برلين، «يهدف لتعزيز فرص تحقيق مثل هذا الحل، الذي يحافظ على الدولة الوطنية الليبية ووحدة أراضيها، ويسمح بمواصلة جهود القضاء على الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة حتى ينعم الشعب الليبي الشقيق بالأمن والاستقرار.
وفي الوقت نفسه، أكد شكري على أن النجاح في التوصل للحل السياسي المنشود «يقتضي التصدي بحزم لانتشار التنظيمات المتطرفة والإرهابية في الأراضي الليبية والتدخلات الخارجية، على نحولا يهدد المصالح المصرية فحسب، وإنما يمس أمن الدول المطلة على البحر المتوسط بل والاستقرار الإقليمي والدولي بشكل عام».
تواصل جهود التهدئة
بينما يروّج البعض للخيار العسكري، تكثف العديد من الدول - بينها الجزائر – تحرّكاتها واتصالاتها للتهدئة ولإعادة قطار العملية السياسية إلى سكّته الصحيحة، وفي السياق، أجرت روسيا وتركيا مشاورات رفيعة المستوى بشأن ليبيا توجت بالاتفاق على مواصلة الجهود المشتركة لتهدئة الوضع وبتجديد التزام الطرفين بسيادة البلاد ووحدة أراضيها.
وأكدت وزارتا الخارجية الروسية والتركية في بيان مشترك أمس الأربعاء أن الجانبين أكدا خلال المشاورات التزامهما الثابت بسيادة ليبيا واستقلالها ووحدة أراضيها ومقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، معربين عن قناعتهما بأنه لا حل عسكريا للنزاع في ليبيا ولا يمكن تسويته إلا من خلال عملية سياسية يقودها الليبيون أنفسهم تحت إشراف الأمم المتحدة.
وشددت روسيا وتركيا على ضرورة مكافحة الإرهابيين والتنظيمات الإرهابية في الأراضي الليبية وفقا لتصنيف مجلس الأمن الدولي، مؤكدتين عزمهما على مواصلة التعاون الثنائي بهدف تحقيق الأمن والاستقرار وتحسين الوضع الإنساني في البلاد.
واتفق الجانبان الروسي والتركي خلال المشاورات على ما يلي:
مواصلة الجهود المشتركة، بما يشمل ممارسة الضغط على أطراف النزاع، بهدف تهيئة الظروف الملائمة لإحلال وقف طويل الأمد ومستدام لإطلاق النار في ليبيا،
الإسهام في دفع الحوار السياسي الليبي-الليبي إلى الأمام بالتوافق مع مخرجات مؤتمر برلين وبالتنسيق مع الأمم المتحدة،
دعوة أطراف النزاع إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة بغية ضمان الوصول الإنساني الآمن وتقديم المساعدات العاجلة إلى جميع المحتاجين،
النظر في إنشاء مجموعة عمل روسية-تركية مشتركة بشأن ليبيا وإجراء جولة جديدة من المشاورات في موسكو بأقرب وقت.
مروّجون للحرب
بالموازاة مع إبداء مصر حرصها على تسوية الأزمة الليبية سياسيا، دعا مجلس النواب الليبي المنعقد في العاصمة طرابلس حكومة الوفاق الشرعية للاستعداد عسكريًا وسياسيًا ضد أي تهديد للتدخل عسكريًا في البلاد، فيما واصلت قوات الوفاق تعزيز حشودها في محيط مدينة سرت.
وفي تغريدة على تويتر، قال وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا «إن أي قوات أجنبية داخل الحدود الليبية تعد «قوات معادية»، وأن بلاده: «لن تتردد في الدفاع عن سيادة أمتنا وأمنها وحريتها».
وكانت قوات الوفاق قد أرسلت تعزيزات العسكرية كبيرة لمنطقتي أبوقرين والشوكة شرق مدينة مصراتة بداية الأسبوع الحالي، لتعزيز محاور القتال بالأسلحة والعتاد والمقاتلين. واستعرضت أمام وسائل الإعلام حجم العربات العسكرية التي تجمعت من كافة المنطقة الغربية باتجاه مشارف مدينة سرت.