لوضع آلية استباقية تمنع انهيار مؤسسات الدولة

مالي بحاجة لوساطة جديدة من قبل دول الجوار

حمزة/م

انحرفت المظاهرات المطالبة بالتغيير السياسي الجذري في مالي، نهاية الأسبوع المنقضي، لأول مرة، عن سلميتها، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وفوضى أمام المؤسسات الدستورية للدولة والتلفزيون الرسمي، فيما يحاول الرئيس أبو بكر كيتا تقديم تنازلات سياسية للمعارضة قصد خفض التوتر.
كان متوقعا أن تصل الخلافات بين الرئيس كيتا، الذي أعيد انتخابه لولاية ثانية سنة 2018، والمعارضة المشكلة من سياسيين ورجال دين ومجتمع مدني، إلى صدام، بعدما وصلت جولات الحوار إلى نتيجة هزيلة لم ترض الجانبين، في وقت تصاعدت حدة التوتر مع اعتقال قوات الأمن لبعض وجوه المعارضة، وانهيار ثقة المحتجين في تعاطي الحكومة المركزية مع الأزمة السياسية.
التنازلات الأخيرة التي قدمها الرئيس كيتا، ليلة السبت إلى الأحد، والقاضية بحل المحكمة الدستورية، وإعادة الانتخابات التشريعية في المناطق التي تنازع عليها المترشحون في مارس وأفريل الماضيين، لا يبدو أنها ستقنع كثيرا المعارضة وأنصارها من المحتجين بوقف الاحتجاجات، لأن سقف المطالب ارتفع إلى مطالبة الرئيس «بالاستقالة»، وتبني  الجهات لشعار «العصيان المدني»، قصد الضغط.
وكانت المعارضة، الأسبوع الماضي، قد اقترحت على كيتا استمراره كرئيس شرفي للبلاد إلى غاية نهاية عهدته، وتعيين وزير أول يحظى بالإجماع ويتولى تشكيل حكومة وحدة وطنية، بينما دعا كيتا خصومه السياسيين إلى المشاركة في الحكومة التي كلف الوزير الأول بوبو سيسي بتشكيلها، منذ الأسبوع الأول من شهر جوان، ولم يكشف عن تركيبتها إلى غاية اليوم.
 الوضع في مالي بات مفتوحا على جميع الاحتمالات، بعد وصول الخلافات السياسية ودرجة الغضب الشعبي من تدهور الوضع الأمني وارتفاع الأنشطة الإرهابية والعنف العرقي، وتدني المستوى المعيشي، إلى طريق مسدود، ولم يعد أمام الماليين إلا إطلاق حوار سياسي «مستعجل»، تساهم فيه دول الجوار باعتبارها وسيطا نزيها.
ومن المهم جدا ألا تسقط مالي في فراغ دستوري جديد، بعد 08 سنوات فقط عن انقلاب 2012،  لأن ذلك سيعني عودة البلد إلى نقطة الصفر، خاصة وأنه يحاول جاهدا منذ 2013، تجاوز أزمة معقدة بأبعادها الأمنية والاقتصادية والسياسية، من خلال مكافحة الإرهاب وتنفيذ اتفاق السلم والمصالحة الموّقع في الجزائر بين الحكومة المركزية وفصائل الشمال.
هذه الدولة الفقيرة، بحاجة للمساعدة مرة أخرى، لدول الجوار والمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا التي تنتمي إليها إقليميا، من أجل وضع حلول استباقية لمنع أي انهيار دستوري دستوري، عبر إجراء وساطة سياسية تقود إلى الحل الأنسب الذي يحفظ استقرار مؤسسات الدولة.
ومالي ودول الساحل عموما، في غنى عن تضييع أشهر وسنوات أخرى من البحث عن الشرعية السياسية وإعادة البناء المؤسساتي، في ظل استمرار توافد العناصر الإرهابية القادمة من الشرق الأوسط مرورا بليبيا، وتزايد الاهتمام الأجنبي بالمنطقة.
ونظرا للمقاربة التشاركية التي تتبناها دول الساحل في مكافحة الإرهاب ووضع برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، سيكون أي انفجار للوضع في مالي بمثابة انتكاسة كبيرة للمنطقة ككل، خاصة في ظل استمرار الأنشطة الإرهابية على الحدود الثلاث، بينها وبين النيجر وبوركينافاسو.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024