لم يشهد تاريخ الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة أي تأجيل من قبل، لكن حالة من الشك وعدم اليقين تتزايد لدى الأميركيين هذه الأيام، بشأن مصير الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل، في ظل تبعات انتشار فيروس كورونا المستمرة.
ويعزز حالة الشك تلك، تأجيل عدة ولايات أميركية انتخاباتها التمهيدية في الحزب الديمقراطي، كما ألغيت الفعاليات الانتخابية التي كان من المقرر أن يشارك فيها المرشحون للرئاسة، وهو ما يهدد المسار التقليدي لاختيار مرشح الحزب الديمقراطي لمنافسة الرئيس دونالد ترامب.
ويعتقد كثير من الأميركيين، أن ترامب قد يقدم على تأجيل أو إلغاء انتخابات الرئاسة القادمة، بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا، وأن يستغل حالة الطوارئ الفدرالية في سبيل تحقيق ذلك.
ورجح غلين كريشنر، مساعد وزير العدل السابق - في سلسة تغريدات له - أن يوجه ترامب خطابا للأمة يعلن فيه فرض حالة الطوارئ وتأجيل إجراء الانتخابات الرئاسية، لكن الخبراء القانونيين في الحزبين الديمقراطي والجمهوري يستبعدون ذلك، ويرون أن ترامب لا يقدر على القيام بهذه الخطوة.
لا يمكن التأجيل أو الإلغاء دستوريا
دستوريا، لا يمكن تأجيل أو إلغاء الانتخابات الرئاسية إلا تحت ظروف قصوى، ومنذ الاتفاق على موعد الانتخابات الرئاسية عام 1845 لم يتغير هذا الموعد، الذي يحتاج تغييره إلى إصدار قانون جديد من الكونغرس، وأن يعتمده رئيس الجمهورية، وألا تعترض عليه السلطة القضائية.
وعقب أحداث 11 سبتمبر 2011، طرح بعض مستشاري الرئيس السابق جورج دبليو بوش فكرة تأجيل إجراء الانتخابات الرئاسية حال تعرض البلاد لهجوم إرهابي، إلا أن مستشارة الأمن القومي آنذاك كونداليزا رايس اعترضت وأكدت أن «الولايات المتحدة أجرت انتخابات رئاسية في حالات الحرب، وحتى أثناء الحرب الأهلية، ولا يتصور عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها».
أما حالات تأجيل بعض الانتخابات في المستويات المحلية المختلفة فكانت نادرة جدا في التاريخ الأميركي، أبرزها ما حدث في مدينة نيويورك إبان حادثة 11 سبتمبر، أو حالة تأجيل انتخابات محلية بولاية فلوريدا، بسبب تعرضها لإعصار إيرما عام 2017، وفي الحالتين أجلت الانتخابات مدة أسبوعين.
ويوضح خبير قانون الانتخابات بجامعة كاليفورنيا ريتشارد هيسن، أن «الكونغرس لم يترك أي مبرر أو سبب يسمح للولاية بعدم عقد الانتخابات الرئاسية فيها في الموعد المحدد».
ويستشهد هيسن بنص الدستور الذي يتضمن ضرورة حلف أعضاء الكونغرس اليمين قبل الثالث من جانفي الذي يعقب الانتخابات، وأن ينصب الرئيس الجديد في العشرين من الشهر ذاته.
وينبّه الخبير القانوني إلى أن ترامب لا يملك صلاحية إلغاء أو تأجيل الانتخابات عن طريق أمر تنفيذي رئاسي، مشيرا إلى أن الرئيس يتمتع بالكثير من الصلاحيات في النظام السياسي الأميركي، لكن ليس منها ما يتعلق بالانتخابات.
الرأي السابق يؤكده أيضا الخبير القانوني في الحزب الديمقراطي مارك إلياس، قائلا: «في حين تتحكم الولايات في موعد إجراء الانتخابات التمهيدية، تنظم القوانين الفدرالية الانتخابات الرئاسية، ولا يستطيع الرئيس أو الولايات تغيير موعد إجرائها»، وهو الرأي الذي يعتقده أيضا الخبير الجمهوري المتخصص في قوانين الانتخابات بمؤسسة «هيريتج» البحثية، أيدوين فيولنر.
ويذكر فيولنر أن التعديل الدستوري رقم 20 لعام 1933 أقر «إنهاء خدمة الرئيس ونائبه يوم 20 جانفي، لكن يمكن تأجيل الانتخابات عن طريق تعديل دستوري جديد يوافق عليه الكونغرس بأغلبية الثلثين»، لكنه يؤكد أن «هذا سيناريو يستحيل تصوره».