لازالت الجزائر حاضرة بماضيها في مهرجان «كان» السينمائي في ظل عجز الحاضر عن تقديم منتوج سينمائي في مستوى «وقائع سنين الجمر» التي جعلت الجزائر تتوج بالسعفة الذهبية لمهرجان «كان» في ١٩٧٥.
لقد قام المخرج محمد لخضر حامينة بعمل جبار دونه التاريخ بأحرف من ذهب لكن غياب المتابعة والإبداع على مستوى السينما الجزائرية جعلها تفتقد لإبداعات في مستوى التحولات العالمية التي انتقلت في المجال الثقافي لما يسمى الصناعات الثقافية التي أصبح لها أبعاد اقتصادية وتجارية تعطي التنمية المستدامة دفعا قويا.
فمهرجان «كان» في طبعته الـ ٦٦ خصصت له الجهات الثقافية الفرنسية ٢٠ مليون دولار مقابل أن تجني منه أضعاف مضاعفة بعد أن تمكن من جلب ٥٠٠ صحفي ومئات الآلآف من الزوار والسياح الأمر الذي سيعود على باريس بملايين الدولارات.
وتبقى الجزائر الغائب الكبير بالنظر للإمكانيات الكبيرة التي كانت تزخر بها والتي ليس لها سبب للغياب عن مثل هذه التظاهرات حيث حان الوقت للتفكير في تقديم الأحسن والتأكيد على وجود مثقفين وسينمائيين ،لأن التباهي بالماضي سيجعلنا ندخل دوامة منتخب كرة القدم ، سعفة «كان ١٩٧٥» وثورة نوفمبر ١٩٥٤ وكأن الحاضر والمستقبل لا يعنينا.
إن الحرية والإبداع والتنافس الفكري والعمل الجماعي أسس نجاح الصناعات الثقافية ولا يجب مقارنة أنفسنا بالولايات المتحدة الأمريكية والدول الكبرى في الصناعات السينمائية فهناك الكثير من الدول الصاعدة التي برزت في هذا المجال على غرار تركيا وإيران اللتان أصبحتا حاضرتين بقوة في ظل النهضة الثقافية والاقتصادية والتجارية التي تعرفها هذه الدول.
لقد تشتت الساحة الثقافية في الجزائر وانتقلت المنافسة من المسارح والسينما وقاعات العرض إلى الإدارات والحروب البيروقراطية التي لا تنتهي والاتهامات المتواصلة بين مختلف أطراف الساحة الفنية والثقافية وهو ما جعل المثقفين والفنانين منقسمين بين مؤيد ومعارض في مشهد هزلي ودراماتيكي يؤكد بأنه لن ينتهي غدا.
لقد تجاوزت التظاهرات الكروية العالمية والفنية والثقافية طابع اللعب واللهو وأصبحت مساحات سياسية وثقافية واقتصادية ورهانات للتباهي بعظمة الدول ونجاحها في الوقت الذي بقينا نحن نسود واقعنا ونكتفي باستيراد الجميل والأحسن من القنوات الفضائية، نشعر فقط بلذة افتراضية زائلة ستتحول إلى ألم بمجرد إسقاط تلك الصور والمشاهد على واقعنا.
الجزائر ...والحنين إلى مهرجان «كان»
حكيم/ب
شوهد:854 مرة