يرى محمد شريف زايدي، باحث في الذكاء الاصطناعي، بأنه في ظل هذا الزمن الذي تتسارع فيه التكنولوجيا بخطى مذهلة، لم تعد الألعاب الإلكترونية والفيديو مجرد وسيلة للتسلية، بل تحولت إلى فضاء واسع للتعلم والتواصل وحفظ الذاكرة الجماعية.
ويقول الباحث شريف زايدي في تصريح لـ«الشعب”، إنه حين نمنح التكنولوجيا روح الثقافة، تتحول الآلة إلى جسر والذكاء الاصطناعي إلى ذاكرة تحفظ ما قد ينساه الزمن، وعليه يضيف “يمكننا أن نطلق على الوسائل التكنولوجية التي تستهوي الفئات العمرية الفتية، كالألعاب الالكترونية والفيديوهات المعززة بمضامين ذات العلاقة بالثقافة والتراث والتاريخ وغيرها من الجوانب ذات الصبغة العلمية، بالشريك الإيجابي في بناء أجيال تؤمن بأن التكنولوجيا باتت عاملا مهما في الحفاظ على الموروث الثقافي والتاريخي..، وتشعره بالافتخار كونه ينتمي للجزائر التي تعد مدرسة لصناعة الرجال”.
كما أوضح المتحدث بأنه مع بروز الذكاء الاصطناعي كقوة محركة للتطور الرقمي، أصبح من الممكن إعادة تشكيل الثقافة والتراث بأساليب مبتكرة؛ حيث يمكن أن تنبض الأساطير الشعبية بالحياة في عوالم افتراضية، وتُستعاد الحكايات القديمة بصور ثلاثية الأبعاد، ويُتاح للطفل والشاب التفاعل مع رموز حضارية وتاريخية بشكل ممتع وحيّ. وأشار إلى أن العلاقة بين الألعاب والذكاء الاصطناعي ليست مجرد تقاطع تقني، بل جسرا يربط الماضي بالحاضر، ويمدّ جذور الهوية في قلب المستقبل.
ويرى زايدي بأن الألعاب الإلكترونية والفيديو كونها باتت تعد من أبرز مظاهر الثورة الرقمية المعاصرة، وقد تجاوزت وظيفتها الترفيهية، من شأنها أن تغدو وسيلة فعّالة في نقل المعارف وتثمين القيم الثقافية والحضارية، وأكد “مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، أضحى بالإمكان توظيف هذه الوسائط الحديثة لإعادة إحياء التراث بمختلف أشكاله، عبر محاكاة البيئات التاريخية، وتجسيد الرموز والشخصيات الثقافية، وتقديم السرديات الشعبية ضمن فضاءات تفاعلية مشوّقة”. ومن هذا المنطلق، يتابع المتحدث “تشكّل العلاقة بين الألعاب والذكاء الاصطناعي مجالاً واعدًا لتعزيز حضور الثقافة في العالم الرقمي، وصون الذاكرة الجماعية، وبناء جسور متينة بين الهوية الوطنية والتحولات التكنولوجية الراهنة”.
وحسب زايدي، فإن الجمع بين الألعاب الإلكترونية والذكاء الاصطناعي في خدمة الثقافة والتراث، ليس مجرد تجربة عابرة، بل رؤية استراتيجية لبناء وعي جديد يتجاوز حدود المكان والزمان. “فكل تجربة افتراضية هي فرصة لزرع بذور الانتماء، وكل ابتكار رقمي هو لبنة في صرح الهوية. وما بين الماضي العريق والمستقبل الرقمي، تبقى الثقافة والتراث هما الجسر الآمن الذي يمنح أجيالنا الثقة، ويجعل من التكنولوجيا شريكًا في صون الذاكرة وإبداع الغد”.
وفي سياق مواز، قال الباحث محمد شريف زايدي، حتى نطور هذا المجال الخصب، أولا: يجب أن نشجع المواهب الشابة من خلال فتح ورشات تعليم البرمجة وتصميم ألعاب ثقافية، ثانيا: توفير تمويل ومنح المشاريع التي لديها محتوى تربوي ثقافي، ثالثا: إطلاق مسابقات وطنية مع المدارس لأحسن لعبة فيديو حول التراث الجزائري.
كما أكد بأن كل ما سبق ذكره، يعد استثمارا في الهوية الوطنية من جهة، ومن جهة أخرى حتى يتعرف الجيل الحالي والقادم على تاريخه بطريقة عصرية وحديثة وقريبة للعالم الرقمي