يحتضن رواق الزوار فنون Ezzou’art معرضًا فنيًا استثنائيًا تحت عنوان “أنوار وانعكاسات رمضان”، حيث يقدّم الفنان التشكيلي كامل شريف محمدي تجربة بصرية تأخذ الزوار في رحلة عبر جماليات الفن الإسلامي والزخرفة العربية.
يضم المعرض المستمر إلى غاية 27 مارس، مجموعة متنوعة من الأعمال الخزفية التي تمزج بين التقاليد العريقة ولمسات الحداثة، معبّرة عن أجواء الشهر الفضيل من خلال تداخل الألوان، الخطوط الزخرفية والتفاصيل الدقيقة.
فمنذ اللحظة الأولى لدخول القاعة، يجد الزائر نفسه محاطًا بأعمال خزفية تعكس مهارة فنية استثنائية. تتنوّع القطع بين جداريات وألواح خزفية مزينة بزخارف هندسية ونباتية معقدة، صحون وأوانٍ خزفية تحمل نقوشًا مستوحاة من فن الأرابيسك، وقطع ديكور صغيرة مثل علب الحلوى والمزهريات، حيث تبدو كل قطعة وكأنها تنطق بتاريخ من الحرفية والإبداع. في كل عمل، يظهر التأثر الواضح بجمالية الفن الإسلامي، حيث تتشابك الأشكال الهندسية مع العناصر النباتية في تكوينات متناسقة تعكس الانسجام والتوازن.
إحدى أبرز السمات التي تميز أعمال محمدي هي اختياره الدقيق للألوان، حيث يهيمن اللون الأخضر بدرجاته المختلفة، من الزمردي والفستقي إلى الزيتوني والسيلادون، ما يمنح الأعمال بعدًا روحانيًا مستوحًى من رمزية اللون الأخضر في الثقافة الإسلامية. إلى جانب ذلك، يدمج الفنان ألوانًا أخرى مثل الأصفر، الفيروزي، والأزرق، ما يخلق انسجامًا بصريًا يجعل كل قطعة نابضة بالحياة. التلاعب بالدرجات اللونية يمنح الأعمال ديناميكية فريدة، حيث تتغير انعكاساتها مع اختلاف الإضاءة وزاوية الرؤية، ما يضفي عليها طابعًا متجددًا.
تمثّل هذه الأعمال خلاصة 30 عاما من الخبرة في مجال الخزف والزخرفة، حيث بدأ محمدي رحلته في ورش تقليدية، متعلمًا تقنيات التلوين، الحفر، والزخرفة الدقيقة من أساتذة بارعين. هذه التجربة جعلته يطور أسلوبًا يجمع بين الأصالة والحداثة، حيث لا يقتصر على إعادة إنتاج التصاميم الإسلامية التقليدية، بل يسعى إلى إعادة تفسيرها بأسلوب معاصر. تظهر هذه الفلسفة في أعماله التي تبرز استخدامًا دقيقًا للمساحات، مع توزيع متوازن للعناصر الزخرفية يمنح اللوحات والقطع الخزفية إحساسًا بالعمق والحركة.
لم يقتصر تأثير محمدي على الساحة الفنية المحلية، بل امتد إلى معارض دولية في تونس وتركيا، حيث لاقت أعماله استحسانًا واسعًا من النقاد والجمهور. كما زُيّنت إبداعاته صالات عرض، فنادق ومؤسسات ثقافية، ما عزّز مكانته كأحد أبرز فناني الخزف والزخرفة الإسلامية.
هذا النجاح يعكس قدرة محمدي على تحويل الفن الخزفي إلى لغة تعبيرية تتجاوز الحدود، حيث يتحدّث كل نقش وزخرفة عن حكاية من التراث والإبداع.