قيم التضحية... قيم الانتصار

«الشعب»
10 ديسمبر 2021

إن اجتماع ذكرى تأسيس "الشعب" الجريدة في 11 ديسمبر 1962، مع مظاهرات 11 ديسمبر 1960 والتي كانت فعلا سياسيا حاسما في إنهاء الظاهرة الاستعمارية في الجزائر وانتزاع اعتراف دولي واسع، هي تعبير رمزي على التكامل بين النضال السياسي والفعل الإعلامي.
إن الرمزية التي تحملها الذكرى عميقة، وهي هذا الاجتماع بين الفعل النضالي وبين الفعل الإعلامي الذي ينبغي أن يرافقه ويسنده.
إن النجاح النضالي وفر شروط النجاح للفعل الإعلامي، وذلك درس ينبغي تمثله وينبغي جعل هذه المنهجية حاضرة باستمرار في جهدنا الفردي والجماعي من أجل توفير إعلام قادر على نقل الجهد الجماعي في مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
كان النضال والتضحية بالنفس وبالجهد، في مختلف المجالات أنموذجيا، ومظاهرات 11 ديسمبر كانت أنموذجا حيّا، خاصة للتلاقي الكامل بين قيادة ثورة التحرير المجيدة والشعب الجزائري وظهر ذلك جليا في تلبية كل دعوة لجبهة التحرير الوطني للتعبير النضالي الراغب والمتوثّب للحرية والاستقلال.
لذلك، فإن تلاقي العاطفة النضالية مع مستلزمات حمل تلك العاطفة العارمة والإفصاح عنها بقوة، هو تعبير بليغ عن قواعد ما زالت ضرورية وما زالت فاعلة وما زالت سبيلا معولا عليه ومنهجية يقتدى بها في زمن «حروب» جديدة لا تخلو من العاطفة ومن المصالح.
الدرس الذي تحمله الذكرى المزدوجة هو بالخصوص أن النجاح كان في صدق الخطاب وفي صدق العواطف وهو في مصداقية الأدوات الحاملة له والمدافعة عنه.
هذا المثل يعلمنا أن التلاقي بين الشعب وقيادته هو المعول عليه في كل الأوقات من أجل خدمة البلاد ومن أجل استكمال تجسيد المشروع الوطني في شتى المجالات. كما أن مُثل النضال الوطني ينبغي أن تعود بقوة وأن مُثل التضحية ومجابهة الصعاب والتحديات ينبغي أن تطغى على كل الاعتبارات، لاسيما المادية المصلحية منها.
التدافع الذي ظل حاضرا بين تلك المُثل الراقية وبين ما يناقضها في سلوكنا وفي تصرفاتنا، هو تدافع مستمر، للأسف الشديد، وتسبب، في عشريات ماضية، في تدهور قيم كثيرة ومنها قيم النضال والتضحية وحتى قيم حب الوطن وخدمته بتفانٍ.
الدولة الجزائرية، وبالنظر لحجم التحديات التي تواجهها، في مجالات متعددة - وخاصة استكمال المشروع الوطني لثورة نوفمبر المجيدة ببناء دولة مؤسسات ودولة المواطنين، دولة اجتماعية تنحاز للناس ولحقوقهم، وهي مهمة عظيمة - في حاجة لاستحضار قيم نوفمبر و11 ديسمبر.
الانتصار الحقيقي والدائم على الاستعمار في حاجة لتحقيق كل غايات بيان أول نوفمبر، إنه في حاجة لانتصارات اقتصادية تطلّق ثقافة الريع وتعيد للعمل والجهد قيمته الحقيقية، وفي حاجة لمؤسسات قوية ولفرض سلطة القانون على الكل، وفي حاجة لوقف كل ألوان الفساد والإفساد، أي تجسيد كل ما تعهد به الرئيس عبد المجيد تبون في التزاماته 54.
ذلك ممكن، إن صدقت النوايا وحضرت قيم نضالية وطنية صنعت أمجادنا بالأمس ويمكنها أن تصنع اليوم أيضا أمجادا إضافية نحن في أمسّ الحاجة لها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024