تضمنت مسودة تعديل الدستور مسائل في غاية الأهمية حول منظومة الحكم والتداول على السلطة وتوسيع صلاحيات مؤسسات في جزائر تراهن على الاستقرار لتجاوز أي اضطراب أوخلل. يظهر هذا من خلال تحديد العهدات وتعزيز الممارسة السياسية من خلال الرقابة البرلمانية على الجهاز التنفيذي وإفساح المجال لمعارضة تلعب دور الشريك في مسار التقويم والتجدد ولا تكتفي بقاعدة «خالف تعرف» مرددة لمقولة «أنا وحدي أملك الحقيقة».
هي مسألة تجد الاهتمام الكبير في النقاش الدائر لإثراء وثيقة أسمى القوانين من قادة أحزاب، قانونيين وشخصيات لها تجربتها ورؤيتها البعيدة لبناء دول المؤسسات متحررة من الشخصنة، تواقة لأخلقة العمل السياسي مشجعة الكفاءات للمشاركة في تسيير دواليب الحكم والتكفل بهموم الرعية واتخاذ القرار.
إنها مداخلات عبر منابر إعلامية وفضاءات تواصل اجتماعي تتقاطع حول أحداث القطيعة مع ممارسات سابقة استجابة لمتغيرات الراهن ومتطلبات المرحلة وتحديات الآتي في محيط سريع التحول يفرض إصلاحات وتغييرات جذرية لاستكمال إقامة الدولة الوطنية.
إنها مداخلات تعرض اقتراحات حلول وبدائل أملاها واقع متغير ومطالب ترافع لجزائر أخرى يجد كل واحد فيها مكانة وتحمل مسؤولية المشاركة في المشروع النهضوي المستند إلى نظام حكم تلعب فيه السلطات دور التكامل ولا تتداخل في الوظيفة والصلاحيات، ونموذج إنمائي متحرر من الريع البترولي، تؤدي فيه المنظومة الاقتصادية دورها الكامل في خلق مناصب شغل، القيمة المضافة وتضمن إيرادات مصدرها الجهد البشري.
إنها مداخلات تشدّد على فتح المجال للحريات الأساسية والحقوق والرقابة على مختلف السلطات العامة استنادا إلى أحكام تراعي الظرف تتجاوز قواعد وبنود صيغت بشكل أفقدها معنى وروح القوانين أدت إلى صعوبة التطبيق أو تناقضات في الممارسة.
مع العلم أن التعديلات الواردة في المشروع التمهيدي تضمّنت بشكل موسع لضمانات وردت بصفة ملحوظة في دستور 1989، الذي أسس لحقبة سياسية من التحول الوطني ميزها إطلاق العنان للحريات السياسية بإنشاء أحزاب وجمعيات وإن لم تطبق أحكامها في فترات لاحقة أدت إلى مراجعة في دساتير متعددة لم تضع حدا لتناقضات في الممارسة. وهي تناقضات أوصى أهل الاختصاص في الفترة الراهنة من التعديل إلى علاجها ببنود قانونية تضع حدا لأي إنسداد مؤسساتي.
إنها أحكام توصي بتعديلات لها مدلولها وقيمتها وتنظيم السلطات العمومية التي تجعل المواطن طرفا في إدارة المرفق المحلي وضبط برامج تهتم بشؤونه وتطلعاته دون اعتباره مجرد ورقة انتخابية.